روح البحث

الأحد، 23 أكتوبر 2016

الفرار من النفاق

عزيزي..
من ابسط ممارسات النفاق الاجتماعي... هو اخفاء مشاعري الحقيقية حيال هذا الالم الذي داهم قدمي اليسرى.

التوت اصابع قدمي في حركة غبية ومباغتة مني.. في ذلك المحفل الاجتماعي .. وحرمني من متابعة المهرجان الاحتفالي باقتران تلك القريبة بذلك الغريب !
سأبقى وحيدة في هذا اليوم.. الكل سيذهب لاتمام طقوس هذا العرس.. ستبهر النساء الاعين بمساحيقهن وازيائهن ومجوهراتهن وكعوبهن العالية...
بينما سألزم السرير..اي بهجة ستفوتني .. واي سباق في التباهي ساتخلف عنه مهزومة بقدم متورمة ومشية عرجاء!
في هذا الصباح الباكر الذي استيقظت فيه بمباركة منبه الألم والانين الذي يخفق بين مفاصل اصابعي...
استحضر دماغي على الفور مشهدا عابرا علق ف ذهني قبل ايام لفيلم بوليودي قديم نوعا ما.. حيث يلتوي كاحل كريشما كابور.. وتبقى ف السرير.. وكلما زارها شاروخان وجدها متكئة على السرير بين يديها كتاب تقرأه!
كم اسرني هذا المشهد كثيرا، ولم اتخيل انني على مقربة من معايشة هذا المشهد.. لكن دون شاروخ..
هئنذي بقدمي المتورمة اتمدد ممارسة القراءة اللذيذة ويقع في يدي مذكرات رصينة لسيمون دوبوفوار في مصادفة مشكوك فيها وفي تواطؤ  وتوافق حقيقي مع رغباتي الدفينة ..
وتتحقق تلك الرغبة الدفينة ف عقلي الباطن.. وذلك الحسد لمنظر سيدة تتحقق رغباتها وتتمدد كأميرة على سرير ابيض تقرأ بهدوء تاركة ذلك الماراثون اليومي من الواجبات البيتية والاجتماعية!
ولكن علي اخفاء هذه السعادة.. كي لا ابدو كافرة بالمجتمع وتقاليده المفروضة علينا رغما عنا!
عندما جلست بجواري  على الارض تلك السيدة الفضولية، غير مدركة بألم استوطن قدمي بسبب حركة بلهاء صدرت مني قبل قليل  رغما عني بسبب الثوب المزركش الذي ارتديته بمناسبة حناء العروس التي لم يحنها احد!
ووجهت عتابها اللطيف بوجه باسم مظهرا عددا من الاسنان المفقودة في فكها العلوي.. حيث لم احضر ذات المناسبة المبجلة لابنتها..
والحق كيف لي ان ابوح بكفري الاجتماعي والحادي بالنفاق العائلي للدرجات الابعد من القرابات.. فلو امكنني لما حضرت هذا الهدر من الاوقات للحضور الا للدرجات الاولى من القرابات.
عندما عانقتني تلك السيدة الستينية بدفء الامهات قائلة: لم التقكِ منذ العيد...
ازدردت حيرتي.. فبيتي ماثل امام عيان بيتها، وكثيرا ما اصادف صوتها الحنون مع جاراتها اللواتي بالاحرى جاراتي ايضا وهن يمشين من امام سور بيتي وانا منهمكة في سقي الشتلات الصغيرة في حوش منزلي... ولكنها لم تكلف ان تفتح باب مدخل البيت الغير محكم الاغلاق.. ولو انها فعلت لرأتني على الفور احمل ابريق الماء اسقي شتلات الياسمين.. فمالذي منعها من هذه الاطلالة اللطيفة التي ستكون لي حتما اكثر دفئا من هذا الحضن وهذه الكلمات الصادقة مع افعال تناقضها!
ابتعلت تلك الافكار وابتسمت ..كي اكمل دور السيدة المهذبة التي تمارس النفاق باتقان!

لا تقلق على قدمي وألمي.. سأسرّك..ان فرحي بهذه الراحة الاجبارية ورفقة دوبوفوار فاقت الألم !

*تدوينة قديمة

هناك تعليقان (2):

  1. أهازيج أو سحر القلم
    تحية لك ولقلمك الذي ما زال يناضل ويمارس الكفاح وهو يشق عباب الورق بثبات

    ردحذف
    الردود
    1. نعم مازلت .... وشكرا يامن عرفتني ولم اعرفك!

      حذف