روح البحث

الاثنين، 22 يونيو 2015

وجهان لحواء .....أمريتا بريتام


يذكر جون ايزو في كتابه الاسرار الخمسة اهمية الاستفادة من خبرات الآخرين، وهذا ما فعلته بعد قراءات متخبطة لكتب لا تروقني.. بدأت اقرأ عن آراء القراء عن الكتب التي انتوي قراءتها.. رغم انها احيانا تفجعني بكشف أحداث محورية فيها قد تفقد الرواية بالاخص عنصر المفاجأة .
كنت قد قرأت رواية هيكل من عظم بالصدفة عبر تطبيق على هاتفي ..فتذكرت فيلم بنجر الذي كنت قد شاهدته مسبقا ولم تكن لدي فكرة انها مقتبسة من رواية لكاتبة البنجاب العظيمة امريتا بريتام.. ولم اكن اظن ان هنالك كتب مترجمة اخرى لها..حتى وقعت على قراءة للكاتب برهان شاوي على صفحته في الفيس بوك.. ما لفتني في قراءته لكتابي أمريتا (هيكل من عظم، و وجهين لحواء) ان رواية وجهين لحواء هي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتبة..مما حفزني جدا لقراءة الرواية.. وبالفعل ادهشتني لغة امريتا السردية وفلسفتها ولغة الحوارات الكلاسيكية وراقت لي هذه الرواية اكثر من الرواية السابقة.. وادهشتني تلك الصور الفنتازية التي تنقل لنا ذلك الصراع في داخل (انيتا) صراع العقل والقلب، صراع المنطق واللامنطق، صراع الحب والقيم، قصة الحب الجنونية التي داهمت قلبها..  مشاهد محزنة ومواقف انسانية نبيلة وصراع الأنا والإباء.
من حوارات الرواية..
قل لي اقبال هل عرفت يوما ف حياتك لم يكن لديك فيه مكان تذهب اليه؟

(انيتا ) بطلة الرواية واسمها القريب من اسم الكاتبة (امريتا )التي تفتتن بحب الشاعر (ساجر) والذي هو يرمز لحب حياتها الشاعر(ساهير).. ولكن قيد زواجها ب (بريتام سنغ) الذي كان من تدبير والدها وتعلقها الشديد بطفلها حال بينها وبينه، ويدفعها ارتباط ساغر بامرأة اخرى الى الانجذاب الى الرسام الذي يصغرها (اقبال) ولكن الحياة تكون مجحفة في حقها رغم تضحيتها الكبيرة بترك بيتها وانفصالها عن زوجها الذي حملت اسمه الى نهاية حياتها وتركها لولدها لتتزوج بالرسام..وتنتهي الرواية بطريقة تراجيدية على عكس الحقيقة  التي عاشتها مع زوجها (امروز) الذي رعاها بالحب والحنان حتى لحظاتها الاخيرة.
امريتا وامروز



رواية لامست روحي وجعلت دموعي تنهمر في صراع شخصياتها التي كتبتها امريتا بقلم أنيق وملائكي، ولكن على ما يبدو أن امريتا ارادت ان تبعث برسالة الى الاناث عبر تبسيط شخصيتها (انيتا) والتي تختلف عن امريتا في امور كثيرة.

 فأنيتا المثقفة التي استشهدت بحوارات ومواقف لروايات عالمية قرأتها ومنهم جبران خليل جبران لم تظهر بذات القوة التي تتسم بها أمريتا في واقعها فقد عرفت منذ طفولتها بعنادها وتفكيرها المغاير للوسط الذي عاشته، حتى انها في صباها كفرت ب( ايشور) الذي ابتهلت له الا يقتل امها.. فعندما ماتت امها فقدت ثقتها في الآلهة وتوقفت عن ممارسة الطقوس الدينية!
كما انها تحدت جدتها التي كانت تخصص اواني رخيصة لزوارها الذين هم من طبقة ادنى..فأخذت تتناول طعامها في تلك الاواني !
امريتا وساهير

وكذلك لم توضح نوع العمل الذي تمارسه انيتا، على الرغم ان عمل أمريتا في الاعلام والاذاعة خصوصا منحتها شهرة وإدراكا أعظم نظرا للمواد التي كانت تقرأها على مستمعيها. وكذلك ان امريتا نشرت اشعارها في سن مبكرة جدا واشتهرت احدى قصائدها كأغنية في احدى الافلام البوليودية تلك الفترة والتي كانت تتناول حقبة انفصال باكستان عن الهند والمآسي التي رافقتها من قتل وترويع وتهجير، والمدهش ان احدى قصائدها انتشرت في باكستان وتم غناءها في احدى الافلام الباكستانية. فأمريتا هنا شخصية مثقفة وامرأة عاملة ومشهورة وعنيدة كما اتضحت في مواقف طفولتها بعكس أنيتا التي تتسم بالبساطة رغم ثقافتها العالية.
الحقيقة ان هذه السيرة الذاتية حفزتني للقراءة عن امريتا بريتام (1919-2005) والتي تعتبر من اشهر الاقلام الهندية في القرن العشرين نظرا لغزارة انتاجها الفني.






الاثنين، 8 يونيو 2015

البرنامج الهندي Satyamev Jayate

مرحبا أيها الاعزاء...
اليوم أدون لكم هذه التدوينة من اعماق قلبي لهذه الشخصية الملهمة... دعوني احدثكم عن هذا الفنان المثقف الذي عرف كيف يكون ايجابيا وفعالا في وطنه ولقضايا شعبه الذي منحه الحب والتقدير والشهرة.
عامر خان او السيد كمال كما يطلق عليه معجبيه نظرا لشغفه بالكمال في اعماله..



يقول خان في لقاء اجري معه مؤخرا: ان والدتي اثرت في حياتي بشكل كبير.. نظرا لحساسيتها ومشاعرها الانسانية نحو الآخرين.. لقد كانت امي تفعل كل ذلك بعفوية دون تخطيط لأنها تمثل نفسها وحسب. ومن الامثلة على ذلك.. عندما كنت اعود من مباريات التنس التي كنت اعشقها في طفولتي.. فتسألني كيف كانت المباراة..فأخبرهها تارة اني ربحت وتارة خسرت.. يقول عامر: في احدى المرات اخبرتها بفوزي فكانت اجابتها صادمة لي وجعلت تفكيري المحدود بنفسي وسعادتي تتمدد الى الآخرين حولي..فقد قالت لي تخيل شعور والدة منافسك الذي هزمته وهو ينقل خبر هزيمته اليها! لذلك من الطبيعي جدا ان تكون هذه البذرة الأساسية التي تغلغت في أعماق هذا الفنان المتعدد المواهب في ظهور برنامجه الجماهيري الذي سنتحدث عنه في السطور القادمة.
برنامج Satyamev Jayate والذي يعني التوضيح.. هذا البرنامج الذي خالف به عامر خان اصدقاءه الفنانين المشاهير والذين يقدمون برامج التسلية والترفيه والرقص والغناء.. جاء برنامج عامر خان الجاد الذي اقترب من حياة البسطاء والمعدمين والذي يفتح التابوهات المغلقة في الشخصية الهندية والمشاكل الخطيرة التي يعاني منها المجتمع الهندي (والتي تعاني منها عموما المجتمعات الشرقية).. العنف المنزلي ، واجهاض اجنة الاناث للحصول على الذكور في الاسرة، المهر، التحرش الجنسي ضد الاطفال، وجرائم السياسيين والفساد وغيرها من المواضيع الساخنة.
البرنامج الهندي الوحيد الذي خصصت له حملة اعلانية ضخمة على التلفاز واليوتيوب وايضا دور السينما!
 والذي كان يبث على القنوات الخاصة والوطنية وهي ميزة اختص بها منذ انطلاقه عام 2012 وقد دبلج الى عدة لغات كالبنغالية والكوجراتية والتاميلية..الخ  نظرا لنجاحه الباهر .. وقد واصل نجاحه لثلاث مواسم متتالية، وهو من انتاج عامر وكيرن راو زوجته. ومن اخراج صديق عامر خان الذي بذل نفسه لخدمة مجتمعه فكان عامر يتعرض للحرج كلما قابله (كما صرح عامر) وهو غارق في هموم مجتمعه بينما عامر يتألق في  شهرته وأفلامه..انه المبدع ساتيا جيت بكتال. البرنامج الذي استحوذ على اهتمام اكثر من 600 مليون مشاهد ويتضاعف العدد حتى يصل الى 3 بلايين وأكثر ناهيك عن المتابعين على شبكات الانترنت ولهذا لا عجب انه حقق ارباحا تجارية ايضا!
عندما سئل في احد البرامج عن مدى صعوبة مناقشة هذه المواضيع على التلفاز واستقطاب اهتمام الناس  
أجاب  عامر: أننا فتحنا هذه الملفات المخيفة بدافع الحب لهذا المجتمع وهذا الوطن ولهذا الانسان وتعاملنا مع القضايا بصدق وشفافية .. لذلك وصلت الرسالة الى قلوب الملايين.
  كما انه لا يمكن اغفال صدى آخر أعماله وهو الفيلم PK    الذي كسر الدنيا نظرا لتطرقه الى تابو المتاجرة بالدين والذي تعرض لردود فعل عنيفة في بعض الولايات الهندية من قبل المتعصبين الدينيين الهندوس.

سأعرض لكم بعض الجمل والاقتباسات الشهيرة لعامر خان عن برامجه..
بمقياس الرجولة التي تعرضت لها احدى الحلقات.. فأنا لا أعتبر رجلا نظرا للمقاييس الجافة والبدائية التي تحيط بمفهوم الرجولة ف مجتمعاتنا ! فالرجل بحسب مفهومهم لا يبكي.. وانا كثير البكاء..لا يحتضن ابناءه وانا لا اصبر عن معانقة ابنائي .. لا يمسكون بيد زوجاتهم  ف الاماكن العامة وانا امسك بيد زوجتي وغيرها من المفاهيم السطحية.


ويضيف خان: اكثر حلقة تاثرت بها هي شجاعة امراتين قرويتين أميتين تعرض ابن الاولى وشقيق الاخرى للقتل في جريمة شرف.. وذلك بسبب زواجهما بفتاتين على غير ملتهما فما كان من اهل الفتاتين سوى قتل الزوجين. تعرضت هاتين المرأتين لضغوطات من احزاب سياسية وتهديدات من ابناء قريتهما لعدم المضي في القضية المرفوعة الى المحكمة لكنهما واصلتا بكل شجاعة طلبا للعدالة. وأقسم لقد تأثرت جدا برجولة هاتين السيدتين البسيطتين.