روح البحث

السبت، 31 أغسطس 2013

تأمـــــل قليــــــلا!

عمامتي ، كسوتي، رأسي،
ثلاثة لقاء اقل من درهم.
نفسي، اسمي لا يذكران لقاء اقل من عدم!
جلال الدين الرومي ..




أن يتحرر الانسان مما يعقد حياته ويعقد أحاسيسه وارتباطاته.. أن يتحرر من رق ممتلكاته ..فقد اوضحت الدراسات أن الانسان يستخدم 20% فقط من مقتنياته و80% مجرد تخزين وتكديس!
عندما يبدأ الانسان بالتخلص من هذه 80% ويكتفي ب20%
فإنه سيزيح عن كاهله ثقلا عظيما ..وهي رغبة التملك ورق رغبات النفس الانانية! ولكن المرحلة الأعظم عندما يبدأ بالتخلي عن اشياء من هذه ال20% بسماحة نفس وحب

مما يذكرني برواية قواعد العشق الأربعون عندما اجبر شمس الدين التبريزي الشيخ جلال الدين أن يلقي بكتبه الأثيرة في غيابة الجب!
جاء الانسان الى الدنيا لا يحمل من متاعها شيئا وسيغادرها كما جاء!!
أن يتماهى الانسان بطبيعته المائية السهلة المرنة بما أن جسده 75% ماء ..ويعيش على كوكب مائي مماثل..فيتجاوز الصخور بسلاسة كالنبع الجاري إلى مصبه!

يقول داير وين ..إن القسوة موت! والجلافة ليست طبيعة الأحياء بل الأموات..الورقة الخضراء لا تقسو إلا عندما تموت..وكذلك المخلوقات!
أن يخرج الإنسان من سيطرة الايجو .. ويدرك أنه كائن كباقي الكائنات وأنه ليس مركز الكون ليطالب الآخرين باستحقاقات نرجسية! كأن يطلب الحب والإحترام والمقابل على كل شيء! التوقعات هي ما تكسر نفس الانسان..ولهذا يكتئب عندما تتعرض آماله للإحباط! فما عليه الا ان يتواضع ويعامل الناس كما يحب أن يعاملوه وهذه عين الحكمة " هل جزاء الاحسان الا الاحسان" !
الاستقامة الحمقاء ..غول العقول الصغيرة! أن يتحرر هذا الانسان من رق نظرة الآخرين وتصوراتهم المثالية عنه .. وأن يحيا حياته بانسانيته وفطرته!
أكثر ما يسبب للإنسان التوتر والغضب هو قلقه على صورته الأفلاطونية أمام الاخرين! فيعيش حياة مزدوجة فقط لإرضاء الآخرين ! كما ذكر مصطفى محمود* قصة محمد افندي بسيوني ..الذي عاش حياة متناقضة قضاها في النفاق وحرص على صورته أمام الناس ..كي يبدو رجلا محترما!
فلا يثيره إلا إذا قيل له شكلك غير محترم ..دخل كلية التجارة ليقال عنه جامعي محترم تزوج مبكرا ليقال رجل محترم ..اختار اصدقاءه من كبار الموظفين ليقال محترم ..وقبل ان يتحدث يفكر قليلا ..ماذا يقول الناس المحترمون في مثل هذه المناسبات..فما كان من ابنه إلا تقيأ هذه السيرة المحترمة بفضيحة بجلاجل!!
وهذا ما فعله شمس التبريزي مع جلال الدين الرومي..أن جعله يتخلص من هالة الشيخ الوقور! مما سبب صدمة لمريديه

وهذا ما يذكرني بنصيحة المعالج لمريضه القلق*..ان يخرج امام الناس حافيا كي يستطيع التخلص من سيطرة الناس على حياته!

في المحصلة إنها أفكارك..التي تقود سلوكك وليس الظروف! فلا تعلق أخطاءك على مشجب القدر والظروف..إنها إرادتك أيها الإنسان واختيارك! فغير من الآن أفكارك وتأمل نفسك بانسانية ولو لمرة !
-----------
*كتاب الحب والحياة


* مقال/ ل د. أحمد بن علي المعشني

الخميس، 29 أغسطس 2013

حطـــــــام 12

العواطف ..عواصف الحياة
الكسندر بوب

همس ناظرا الى عصبية أصابعي.. ودوران المحبس العاصف تماما كهواجسي المتناقضة!
اخلعيه...والبسيني!
توقف المحبس عن الدوران..واشتعلت جذوة غضب دفينة في سحيق قلبي: هكذا اذن ..العلاقات رخيصة جدا بالنسبة اليك ويمكن استبدالها كما تستبدل هاتفك!
ياإلهي...أية حمم تثور في دواخلك أيتها المرأة!
اسمعي سيدتي ...
وبترت الكلمات على وقع كعب عالٍ يتخطى الطاولات مقتحما ركننا الهادئ!
صوت كمائع في كأس كرستالي براق: تركي !! أنت هنا.. أين أيامك؟؟ والله زمان!
قوام ممشوق، عباءة براقة عانقت ذلك الجسد بشبق، ووجه جميل يمطر بالمساحيق تظلله خصلات شقراء صبغت باتقان  ووزعت بعناية حول محاسنه..وعطر باريسي ثائر تلبسنا بالنشوة!
تعابير مختلطة تعبر تضاريس وجهه: أهلا ..هيفاء..المعذرة .. لدي اجتماع عمل!
اوه ..آسفة جدا... باي!
شرارة اتقدت عند احتكاك نظراته بمقلتي !
سأعود الى عملي..هل تحب أن أوصلك... أم ستوصلك الحسناء الهيفاء!
ابتسامة تجد طريقها الى وجهه الغائم: أنا الذي سأوصلك! لحظة سأسدد الفاتورة! اشربي قهوتك ريثما اعود!
غادرنا الطاولة.. تعتليها فنجانين ساكنين بقهوة لم تجد طريقها الى جلسائها..ومظروف فارغ!
هاهو يستلم دفة قيادة سيارتي، هل هي بداية لمنعطف في قصتي معه..ام سيحملني الى حتف هذه القصة المضطربة!
وثبت عدة صور في مخيلتي .. تراكمت ببعضها ..لترسم انطباعا وافق ايقاع اللحن الغاضب في دواخلي..  كم اكره أن أزاحم .. وتكون حكايتي مجرد رقم في مغامراته!  سيارته الفارهة التي ولا شك تترسب على مقاعدها الوثيرة أطنان من بقايا عطور وحكايا ملونة رافقته حينا من الدهر..لم اكن فيه شيئا مذكورا! المحبس الذي سخر منه.. أليس بالاحرى انه يسخر بالثوابت والقيم! تحطيمه لجواله الحميم كما يدعي ..ليس الا ضرب من عنجهيته ورغبته في التملك..كما اصطرخ في وجه محاميه ذلك اليوم..اريد تلك الارض بأي ثمن هل فهمت! هكذا انت اذن تستولي على ما يثير غرائزك وحسب!
رن جواله منهيا حظر تجول الكلمات: الو.. اهلا .. في اطيب حال..
هههه لا ابدا...نعم.. مندوبة!  نتكلم لاحقا... تحياتي.
ابلغ الهيفاء سلام المندوبة... لاتنس!
اغلق جواله ضاحكا: هههه ولا الاستخبارات الامريكية!
وبصوت رخيم استرسل حديثه: عزيزتي مثل هؤلاء النساء لا يلفتن اهتمام قلب تركي... وهن كثيرات في عالم الاعمال والتجارة!
مطر ندي يهمي على اشتعالاتي، بابتسامة هازئة سألته: وما النوع الذي يلفت قلب السيد تركي!
آآآه يا قلب تركي.. امرأة تحمل من الغرور والكبرياء والأنفة والثقافة والقيم ما يجعل قلب تركي يخشع اجلالا في صومعة حضورها!! انها انت سلمى! من جعلت قلبي رهينة معذبة في جوانتنامو مشاعرك الحادة!
سلمى ارجوك ..امنحيني فرصة...فقط كي تعرفيني ثم قرري ماذا تفعلي برهينتك اعطه فرصة قبل اعدامه!
تأملت وجهه بصفاء سريرة ومقلتين غائمتين...

وقبل ان يترجل من السيارة ... نظر يمنة ويسرة.. كلص يوشك على سرقة.. وقبل أن اباغته بأي مقاومة لنواياه المجهولة ..كان قد ترك قبلته السرية على خدي وغادر!

السبت، 24 أغسطس 2013

حطــــــام 11

ما أوجع أن تنطفئ شعلة حب
في ظلمة طريق عاصف بالارتياب!

بين زمنين وقصتين تتأرجح بوصلة حياتي.. الاولى تتداعى والاخرى ترنو وتنمو. اعيش حالة ضبابية..لماذا هذا التوقيت؟  وانا غارقة في القاع ارنو لفوهة الكوة ولم اخرج بعد.. للملمة خيباتي وانفاسي! يصدح بوقاحة كف حظي الخائب: احبك!
الحب..في زمن  بورصة التواصل رائج بأبخس الاثمان.. وسط انحدار أسهم الاشتياق وحنين الروح وارتفاع اسهم الشهوة ونزعات الجسد.. عناقيد كلمات الحب تمسّخت في زمن النكهات الصناعية من النسخ واللصق.. كسراب في لظى الوفرة الهائلة من الأصدقاء الافتراضيين الذين ما يلبث بعضهم إلا أن يتحول إلى عاشق بقدرة قادر وكبسة زر!
لكن لامرأة صوفية القلب.. ورومانسية القلم.. وعاشقة للروايات الاسطورية .. والقصائد العذرية ..الحب يمثل لها طوق النجاة..أن تشعر بذبذبات عشقية تداهم اكدارها.. وترسم خطوطا لازوردية في طريق اقدارها.. الحب ..ريشة زهرية نسجت من زغب الحنين.. تدغدغ غروري الواهن وأنانيتي المهدورة! شرفة تشرع من الآمال لشروق قلب، أبواب مواربة لنسمات واهجة بالفرح والأماني! أي تضادين اتمزق حيرة بينهما.. اهي شفقة من أبراجي الفلكية ..ام مجرد ريح سديمية تعبث بهذا الحطام!
المحبس يدور ويدور بعصبية حول اصبعي كما تدور بي الهواجس!



الأربعاء، 21 أغسطس 2013

حطــــام 10

ﻛﻢ أﻧﺖ ﺃﻧﺖ , و ﻛﻢ ﺃﻧﺎ ﻏﻴﺮﻱ , ﺃﻣﺎﻣﻚ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ !

محمود درويش


كسحابة صيف تباغت سماء حارقة، فتزمجر وتهطل غير آبهة بدساتير القحط، دلف المكتب مكفهرا بيده مظروف وموبايل مختلف هذه المرة !
 كانت الأشواق تسبق خطواته، تقاعست عنها بتغيير زاوية الحديث: أهلا، مبروك موبايل جديد!
زم شفتيه اللاهبتين، وتحركت ذكريات خلايا يدي التي ألهبتها قبلته. واطلق لعينيه العنان، برسائل أثيرية تلتقطها حواسي بخشوع! قلبي يكاد ينخلع، مالذي يمارسه هذا الرجل من سحر في قيعاني!
أخيرا قرر أن ينهي صمته الحارق بكلمات تتفصد لوعة: تباركين لي! بدلا من مواساتي، لست من محبي التغيير لمقتنياتي الحميمة، لكن الغضب استبد بي وأنا استنطقه منك مكالمة أو حتى حرف في رسالة!! فهشمته! 
....... حدقتاي تتمددان اتساعا لاستيعاب هالته!  
أردف مدمدما: محقني الانتظار، وسحقني الشوق فأتيتك راغما!
كان موعد عودة زميلاتي من المصلى وشيكا، قلبي ينبض عنفا وهواجسي تتربص بالباب.. فتصرفت بجنون ..اخذت حقيبتي وامسكت بيده اجره معي ...بعدما دونت ملاحظة على طاولة زميلتي اني خرجت في مهمة سريعة.
توجهنا الى سيارتي، فأشار الى سيارته الفارهة التي تقف شامخة على مرمى غروره.
نظرت اليه بحزم: اصعد .
فانثال طائعا..كالماء.
حركت سيارتي، وآلاف الافكار تصطدم بي، وبعد فترة صمت وجيزة
همس: إلى أين تأخذينني ؟
نظرت إليه بخبث: خائف!
يا طويلة العمر الدنيا ليس بها أمان ، ألا تسمعين عن قصص الاغتصاب في المزارع!!
لم افلح في مقاومة تلك الضحكة المباغتة!
امسك بيدي وهو يهمس: جميلة انت عندما تضحكين!
اقشعرت خلاياي العصبية باعثة اشارات هلعة لقلبي: تركي رجاء ...
ياروح تركي!
---------
في ركن هادئ، احتشدنا انا وهو ومشاعرنا على طاولة ارتمى عليه مظروف وفنجاني قهوة!
نظرت إليه عاتبة: أيعجبك أن تسبب لي فضيحة في مقر عملي ياروميو؟
قطعا لا سيدتي جولييت!
ابتسامة تعاجل شفاهي، احاول مقاومتها لأتسلح بالغضب المفتعل: تركي ماذا تريد؟
تناولت المظروف بتململ لأجده خاليا..لتستبد بي الدهشة!
فابتسم مصوبا صوته الرخيم الى عيني: تهمني سمعتك، لهذا أتيتك متذرعا بهذا المظروف الخاوي!
ابتسامته تعانق عيني... فبادلته الابتسام..
امسك بيدي، مسللا دفء جسده إلي.. استرخت جوارحي..واستسلمت اصابعي لعناده!
سلمى ..احبك!
يتبع،،،

  

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

براعمنا والثقة بالنفس!





على إحدى مجموعات (الواتس أب) تمت مناقشة فيديو لطفل من جنسية عربية يتحدث بطلاقة وبلاغة وبفكر خلاب بلا خوف وبكل ارتجال امام ملأ من الناس؛ فاستيقظت هواجسنا عن ماهية الخلل والخجل الذي يعانيه أطفالنا من الظهور أمام الناس.. فما بالكم بالتلفاز، يقول صمويل جونسون "الثقة بالنفس أول مستلزمات الأعمال العظيمة." اذكر ذات مرة حين عرض التلفزيون العماني حلقة مهمة عن الحراك الثقافي في السلطنة..لكن المخيب للآمال أن الحلقة كانت ركيكة بسبب الضيفة المثقفة التي كانت مرتبكة وتتلعثم فاضطرت المذيعة أن تأخذ دورها! وذات حوار تم  استضافة شاب عماني على إحدى القنوات العربية..فكان المذيع يستعرض عضلاته الفكرية بالمراوغة في الأسئلة والابتعاد عن لب الحلقة.. لكن ما أثار دهشتي هو هدوء ذلك الشاب وإجابته الموضوعية ومناورته الذكية ليعيد محور الموضوع الرئيسي للحلقة الذي جاء لأجله! إنها ملكات وقدرات لكن لم تأت من فراغ.. لبنتها الأولى تأسست في الأسرة في سحيق الطفولة.

ومن البديهي جدا أن الإفراط في العقاب أو في الدفاع عن الطفل؛ يؤثران سلبا على شخصيته، فقد يستشهد البعض لتبرير الضرب بحديث "علموهم لسبع واضربوهم لعشر" ولكن تناسوا الأحاديث التي وصفت النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بأنه ما ضرب طفلا ولا امرأة.. وتناسوا أن الحديث الذي مر آنفا عن الصلاة, لقد تناسوا ذلك وضربوا أطفالهم قبل بلوغ العاشرة، وتناسوا شروط الضرب باجتناب الوجه و ألا يخدش جلدا ولا يكسر عظما!

نستعرض موضوع حرية التعبير الذي وبكل أسف يصادر من الأطفال بحجج واهية, على سبيل المثال برنامج (لعب عيال) الذي أبرز النجم أحمد حلمي وحواراته اللطيفة التي كشفت جوانب باهرة لأولئك البراعم الذين شاكسهم بحواراته الشهية. أما سياسة الإقصاء والتهميش لهؤلاء الأطفال من الحياة الاجتماعية فهذا مدمر فعلا. أحيانا نجد الوالدين يربيان ابنيهما على الحوار وحرية التعبير لكن هذه التربية تلقى امتعاضا من باقي أفراد الأسرة بسبب ثقافة هزيلة مزروعة في خلايا أدمغتهم " ثقافة العيب" وأنهم مجرد "جهال"!

وإذا تخطينا هذه الدوائر نأتي للمدرسة التي يقضي الطفل جل عمره ووقته متنقلا بين أروقتها..ولا يخفى علينا سلبيات مدارسنا والممارسات التي تزخر بها إلا ما رحم ربي! فمازلت أتذكر حديث تلك الأم قبل أيام عن ابنتها "المميزة في دراستها " التي هي برعم من براعم الصف الأول وما تعرضت له من ضرب على يد معلمتها..وطبعا هذه هي الشكوى الثانية من ابنتها! بالله عليكم طلاب الصف الأول يتم ضربهم بعصا؟؟ ومن قبل معلمة عمانية!!؟؟ في المرة الأولى ابتلعت تلك الأم غصتها لأن المعلمة السابقة كانت وافدة.. ربما ظنت أنها ستحظى بالتأييد لضرب الأطفال كما فعل آباؤنا ذات جيل! وتستكمل كلامها قائلة: توقف مسلسل ضربها لطفلتي؛ لكن عندما سألت طفلتي: هل توقفت عن ضربكم جميعا؟ أجابت بالنفي..وأردفت الطفلة ضاحكة: ماما أظن معلمتي خافت منك فهي تضرب الكل سواي!

ومن الأمور التي تثبط من الطفل انتقاص كرامته بالشتم والتجريح والألقاب الجارحة سواء من الأهل أو الأصدقاء أو المدرسة ومقارنته بغيره دون أي اعتبار للفروقات الفردية!
وأخيرا نعود لتعزيز الثقة ..فالمشاركة في فعاليات المدرسة كالإذاعة والمسرح وتمثيل المدرسة في الأنشطة الرياضية, وكذلك ممارسة حق طرح الأسئلة، ونبذ الفوبيا التي يعانيها بعض المعلمين أو الآباء من الوقوع في حرج أسئلة الأطفال! والقراءة التي بلا شك تفتح آفاقا فكرية لدى الطفل..وتمنحه لغة وطلاقة وخيالا. ولا يمكن إغفال أهمية حضور مجالس الكبار فإرهاصاته الإيجابية على الطفل لا حصر لها وانظروا إلى أطفال البادية وحديثهم وجرأتهم وأشعارهم التي حفظوها. لا غرو إذن أن يتحسر عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما صمت ابنه عن إجابة كان يعرفها ولم يعرفها الصحابة لسؤال ألقاه النبي عليه الصلاة و السلام عليهم في مجلسه. لذلك خرج لنا جيل عظيم ذو رؤية وذو ثقة من الصحابة والتابعين قادوا الفتوحات الاسلامية ونشروا راية الإسلام وقدموا خدمات جليلة للانسانية. إننا بحاجة إلى جيل واع ومتوقد وبناء وواثق، فعماد الدول وتاريخ حضاراتها تبنى بعقولا ابنائها قبل سواعدهم.



الاثنين، 19 أغسطس 2013

حطـــــام 9

أيها المتسيد لمكنوناتي ..
عطري
ومشطي وقصائدي
تتفصد ذكراك وتترنم!


فراس!!
كيف تجرأت على خصوصياتي... اعطني الدفتر!
Sorry mom
وبكل ما يحمل هذا الكون من صقيع ..اعطاني دفتري ملقيا على كاهلي هذا السؤال الفج: هذه القصائد لمن تكتبينها أبي أم تركي؟؟
-------
على مرمى خيبتين .. سطرت حروفا من خزف .. ترانيم اسطورية اهدهد بها نوازعي الانثوية!  خلف الكواليس يطالني هذا الحبر.. ويلطخني على الاوراق ..أأنا التي تنفث تمائم الحروف أم هو الذي يفك طلاسمي سحرا !! من هو الذي اعتلى عرش قصائدي!! أو بالاحرى ماهو؟؟
-----
هرعت الى الشاطئ كعادتي.. كلما امتلأت هديرا .. 
فراس.. هل شعرت يوما بانجذاب لفتاة؟
I hate  girls!
لماذا؟
عندما كنت في الصف الثالث، كانت لدي زميلة لطيفة اسمها هاجر نشأت بيننا صداقة قصيرة المدى.. لم اكن اذهب اليها قط.. ولكنها كانت تأتيني كل يوم لتحدثني قليلا وتمضي.. وكانت لديها صديقة حميمة تجلس بجانبها.. وفي يوم من الأيام جاءتني هاجر غاضبة تقول انني تحدثت عنها بسوء أمام صاحبتها.. واخذت الشتائم تنهال علي دون أن تمنحني فرصة للدفاع عن نفسي،  فكرهت الفتيات!
اتسعت حدقتاي دهشة.. وانطلقت مني ضحكة مباغتة: يالكم من جيل!! صف ثالث يافراس !!
ثم استرسلت: هل تعلم يافراس .. ربما كانت صديقة هاجر معجبة بك  فغارت ودبرت هذه المكيدة لتفريقكما!
I think that mom!
ههه لا ملام فأنت ولدي الوسيم!
هل تعلمين بعد هذه الحادثة لم تنشأ صداقة بيني وبين أي فتاة..وعندما انتقلت الى الحلقة الثانية شكرت الرب أنني بمعية الفتيان!
واسترسل: رغم ان اصدقائي الحمقى لديهم قصص حب!
هههه ماذا؟؟ حب ...صف سابع وحب؟؟
لا تندهشي ماما صديقي مؤيد حبيبته في الصف الخامس!!
ياربي لطفك!! اممم فراس ..اذا حصل وشعرت بالاعجاب بفتاة .. صارحني صديقي!
Sure
 الفتيات مخلوقات شفافة ندية..تحتاج من يرعاها .. عندما ينبض قلبك يوما ما .. ومازلت صغيرا على الحب ... لكن عندما تكبر بني اياك ان تؤذي من ينبض قلبها لك!
ههه فتيات اليوم رقيقات ؟؟ ربما كان ذلك في زمانك..كم اتمنى أن اجد انثى تشبهك أمي!
هههه أيها المشاغب...عندما ستحب ستنسى أمك العجوز!
مستحيل امي ....مستحيل أنت سيدة قلبي !
امتزجت رائحته بأنفاسي وأنا اضمه وأقبله: لقد كبرت وقامتك بدأت تتجاوزني طولا .. وكبر وقع كلامك حبيبي
ابتسم محدقا في عيني: لكن صديقتي لم تجيبيني ؟؟ لمن تلك القصائد!!
يتبع،،،






السبت، 17 أغسطس 2013

حطـــــــام 8

طقوس الاحزان...
وغيمة الكآبة
زخة ندية من
مزن الوفاء!


اخترقتني رائحة الياسمين كشظايا قذيفة، كل شيء ساكن يستفز حممي  ..ماهذا السكون الذي يعج بهذا الملكوت، كيف لا تتزلزل أركان الدنيا من بشاعة البشر؟ أنا في قعر وادٍ سحيق أكاد أملأه صراخا وألما ودما! حتى أنت أيها الياسمين تآمرت مع أوجاعي..قد كنت لي بلسما فما الذي صيّرك أسيدا يحرق مسامي!
 لا شيء كان يرطب جفاف مزاجي كشذى الياسمين ذات دهر.. لماذا يداهم هذا السواد باب قلبي المحطم، تكثفت غيمة حبلى باللوعة والعذاب في حناياي تكاد تمطر وترعد ؟ أهو الوفاء؟ أهي العشرة؟ أأمنحه هذا الوسام؟ أيستحق أن انغمس حدادا في عرسه! أم هو ندب الماضي والبكاء على اطلال سني عمرٍ راحت هباء، وصبرٍ تجرعته على وهم! أم هو غرور الانثى الغبي وحسب! غرور على حطام، وكبرياء على جثة قصة!  
يالذيذ يارايق!
كانت شقيقتي الصغرى قادمة نحوي..
ابتسمت وأنا اتشاغل برائحة الياسمين!
ضحكت شقيقتي: هههه مازلت على عادتك وعشق الياسمين! لا يقرب هذه الياسمينة غيرك! اظنها باتت تعشقك!
تبددت غمامة الغضب لتنجلي لي الياسمينة العاشقة، فعانقتها عيناي بحب واعتذار عن البذاءة التي صدرت من هواجسي!
قطعا لن اغير عاداتي! وهل كنت تظنين اني كنت اقتطفها له!
ابتسمت: تعجبينني ، انت هنا ثملة برحيق الياسمين، وامي هناك ثملة بحظك العاثر! 
جلست بجوار أبي وهو يتناول العشاء، جاءتني امي بطبق من العدس والحروف تتكسر بين اسنانها غضبا: ذلك المعتوه سيظن انه سيجد افضل من ابنتي !  
تنهدت وهي تندب حظ ابنتها الذي يفلق الصخر! اذا استمرت امي بالنواح واللطم بالكلمات..سأنهار وابكي..علي أن احسم الأمر!
نظرت إليها بحزم: أمي أنا من فارقته وليس هو من فارقني! أنا التي لفظته من حياتي بعدما أحالها إلى قطران!
هدأت والدتي وجلست مقابلي، قلت لها مطبطبة: لم يعد يعنينا ياأمي، لم يعد يمت إلينا..  يتزوج ..يطلق.. ينفلق!
هز والدي رأسه مبتسما، وكأنما اطلقت سراح أسباب غضبهما، ووطنت لهما أسباب الطمأنينة!
التهمت عشائي بعزم .. لا أحب لهما التعب والحزن بسببي.. يكفيهما هم المرض وهموم اخوتي.. لا ارغب في رؤية التعاسة تكتسي محياهما! ساخلع طقوس الحداد والذبول، وسارنو للحياة بعيون مشرقة، اعاهدكما سابحث عن اسباب سعادتي ولن اتوانى.. سأطلّق هذا الماضي الدميم، وساستشرف المستقبل بعيون رومانسية، وسأحيا الحاضر بكل تجلياته، نعم أبي وأمي سابتسم!

يتبع،،،

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

حطــــــــأم 7

صمت شاحب كشمعة تصارع فلول العتمة!



على سريري اتكأت، بعيدا عن العيون والفضول، والصمت ينثر طقوسه المعتادة، كانت اصابعي تدير المحبس بطريقة ميكانيكية، مما يعني أني غارقة في ملحمة من الأفكار المتلاطمة، وكلما طحنتني هواجسي كلما هرعت اصابعي تتحسس وجوده لتطمئن! يال المفارقة! اختلقت هذا المحبس وصدقت أوهامي! كمن يكذب ويصدق اكاذيبه!
احتاج لهذه الخلوة للتأمل، بعد ان فقدت الكلمات بريقها، في حالة الغرق هذه احتاج لأفعال لا أقوال! يد تهم بسحبي من الغرق من ورائها قلب يهتم! طرأت القبلة المسجورة التي ألهبت ظهر يدي هذا الصباح! مررت اصابعي على موضع قبلته.. وبلا شعور مرت سحابة من الصفاء راسمة على شفاهي بسمة!
جفلت على حركة مباغتة استلت المحبس من اصبعي مجددا، صرخت: تركي !!
اهتز وجدانه متراجعا والمحبس يترنح بين اصابعه: ماما ارعبتني!
-----------
جلس بجانبي على السرير معيدا المحبس الى اصبعي النحيل وخاطبني بكلمات رخيمة الوقع: إلى متى سترتدينه! آن الأوان أن تخلعيه!
عادت الدماء الي بعودة المحبس، تأملت فراس هذا الرجل الصغير ،وصوته الدافيء المبحوح الذي يتذبذب على أعتاب الرجوله! ارتسمت على وجهي ابتسامه ممزوجة بطعم الدموع، عانقت اصابعي الواهنة اصابعه التي تخلع جلد الطفولة الناعمة لتخشوشن لمعارك الحياة: أحبك فراس .. أنت صديقي وحبيبي ورجلي!
برقت عيناه اثر احتكاك سحابة فرح، وسرعانما انذرت بهطول غيمة حزن: ماما لدي اخبار لا ادري ان كانت بالنسبة لك سيئة !
بلا فلسفة يافراس هات ماذا فعل أبوك هذه المرة؟
تزوج!!!!!
طوق الذهول جوارحي بعنف، عاصفة تتحين الفرصة للاندلاع..هواجس كثيرة متناقضة تبرز على الأفق.. سخط وغضب ويأس وابتسامة لاذعة.. العاصفة تجبن وتخفت وتتلاشى...لتخرج مني ضحكة ساخرة!
ههه.. ما أسرع أن أوجد لي بديلا!!
ثم تداركت نفسي: إن كان مقصده قهري فما اسخف تفكيره!
ضغط فراس على يدي: ماما انسيه..واستأنفي حياتك مع غيره!
لسعتني كلماته كريح محملة بالثلج: ماذا؟
ارتسمت على وجهه ابتسامة واسعة تشع دهاء: تركي!
يتبع ،،،،