روح البحث

السبت، 21 سبتمبر 2013

الكتابة عمل فظيع!!

الكتابة عمل انقلابي...
نزار قباني


ضاقت الحلقات حول عنق قلمي،، واشتدت.. ولم يخيل الي أنني كنت على شفا حسم الصراع مع قلمي، وعلى موعد وشيك مع قدر!  
بعد تلك الدوامة التي استهلكتني عاما ونيفا من الدوران في حلقة مفرغة بحواس معطوبة وعينين معصوبتين وأمل مشوه!
بعد ممارسات فاشستية قاسية إزاء هذا القلم الذي أرهقه اللهث على طموح أرعن ومقارنة غير متكافئة بغيره.. وبعد محاولات إجهاض متكررة لأفكار لم تكتمل... ونزيف حبري مرهق على البياض.. وحرب ضروس مع مجتمع استهلاكي!
 أخيرا أطلّت علينا تلك التسوية الأريحية برأسها مرضية جميع الأطراف..قلمي وأنا  وغروري!
لابد أن أكون شاكرة لذلك الكاتب الصغير سنا والعظيم نفسا.. الذي سبب لي هذه الغربلة الفكرية.. وممتنة على قلقه الأدبي على قلمي..من ممارستي السادية إزاء حبري المرهف والمرهق!  الكتب التي منحنيها لأقرأها.. أتت بالقاع لتلك الأسقف العاجية ونسفت تلك الخزعبلات البرجوازية التي نصبتها على قارعة أهدافي .. وخرجت براحة بال لا تضاهى و ذهنية أكثر صفاء.. واستكملت القراءة لمجموعة كتب ساقتها لي الأقدار وأيضا بضع أحداث ولّدت هزة في أعماقي كإنسانة.. وربما هذا ما يقال عنه قانون الجذب.. فاتضحت لدي الصورة..وانبلج لي المنهج الذي سأسير عليه.
v  الكتابة بحب وحسب..ألا انتظر جزاء ولا شكورا.. سأرصّع أفكاري بالحبر لأنني أحب الكتابة.. لا بغية شهرة ولا مادة ولا شيء مجرد الكتابة.. وهذا ما جعلني أخيرا ادلل قلمي .
v  سأنشر ما اقتنع به حسب نصائح ماركيز..والباقي إلى سلة المهملات وهي عملية ليست سهلة ومهينة أيضا!
v  تخلصت من قيود الرق.. فتحللت من فكرة تسليم رقبة قلمي لمقصلة مقال أسبوعي مدركة أن هذا النبأ اغضب بعض الكُتّاب الأعزاء ممن استهلكوا أوقاتهم الثمينة في اقناعي بالعكس..وسيغضب آخرين بعد قراءة هذه السطور.
v  الكتابة عمل انقلابي.. ولكل كاتب بصمة.. أما التشبه والتقليد والمحاكاة ازهاق لهذا المقلد..لأنه سيذكر قراءه دائما بالأصل!
v  لا توجد أعمال كاملة.. فكل كاتب يكتب حسب الزمان والمكان فيخرج أفضل ماعنده.. ولو عاد الزمن بكل كاتب لغير كل كتبه .
v  الكُتّاب بشر..وليسوا أنبياء لتتطابق مواعظهم بأفعالهم .. ولكن كلما كان الكاتب انعكاس حروفه.. كان أكثر وهجا.
v  القراءة اكسير الحياة واكسجين الكاتب... والكتابة ليست بالضرورة رديفة لهما.. فالكتابة بضعة من احاسيس كاتب.  
v  كلما كان فكر الكاتب مرنا..كلما كانت كتاباته سلسة تنساب بصفاء الى قلوب قرائه.
v  كلما تخلص الكاتب من سلطة الايجو .. والكبرياء.. سيكتشف بين سطوره درا وياقوتا من الحكمة والتواضع.
v  هوة عميقة تقع فيها بعض الأقلام المسنونة بلي عنق الكلمات وتطويعها للمجاملات أو تصفية الحسابات.
v  قبل ان يروض الكاتب قلمه عليه ترويض نفسه.

لا أشهى من الحديث عن الكتابة سوى الكتب نفسها! الكتابة عمل شجاع وبروز على السطح له مغرياته ..وهنا مكمن التمحيص والتلميع.. ففي درب الكاتب يتجمهر ثلة من المتابعين بإخلاص المريدين حول التكايا!  وفي بعض الزوايا المهجورة قد يرجمه البعض بالحجر والنار! وقد يشهر قلم آخر خنجره ليغمده في خاصرة كلماته! الكتابة عمل فظيع! لم يخيل إلي أنني سأقرر احتراف الكتابة .. بممارسة التدوين في مدونتي بكل شجاعة وأريحية .
مودتي ،،،





الجمعة، 20 سبتمبر 2013

حطـــــــام 14

"الاصغاء هو الخطوة الأولى على طريق الولادة الجديدة"
اوشو



تركت المحبس على طاولة التسريحة.. ليمارس علي طقوس إغوائه وربما لاَمتحن صبري على استفزازه!
ومض هاتفي باِشعارمباغت..
لو لم اصطدم بها لوقعت في غرامك أنتِ!
رسالة طفت على متصفح ال"time line" الخاص بي! إنها من ذلك الصديق الافتراضي اللطيف.. الذي يؤنس وحدتي في لحظاتي النادرة التي أتواجد بها "on line" !
كبست على أزرار لوحة المفاتيح بانفعال: ونبض قلبك للحب أخيرا !!
لم انتظر منه جوابا واسرعت في عتابه: وهذا سبب صمت رسائلك كل هذه المدة!
بعث لي وجها باسما.. واختفى عن الأثير الافتراضي! لتداهمني وحدة هادرة! عجبا لحركة الأبراج.. أنتشاطر اللحظات الوليدة ذاتها! سبحت في أعماقي غبطة برشاقة تلك السمكة التي تسمى بالراقصة الأسبانية.. إلا إنها لم تتمكن من ردع تلك الموجة المضطربة من القلق وهواجس الوحدة

رفيق خيباتي الذي كنت أقاسمه قمح أحزاني.. واستمع إلى أنينه الحزين المنتصب على أحاديثه بخشوع كالمآذن! سمير وحدتي الذي كان يهدهد دموعي الحارقة.. بلسمي من جراح تلك الشفرة التي سددها المجتمع نحو عنقي! آآه رباه ..كيف يمكنني أن أكون بهذه النرجسية أليس من حقه أن يخرج من كوة الوحدة الى ملكوت الحب الرحب! علي أن ابتهج ..هاهو رفيقي..تزهر في حنايا حقله فراشة زاهية تلون فضاءه الرمادي
طفت رسالة اخرى على شاشة الهاتف: اعذريني الشبكة قاتلة!
كبست على الأزرار: لا بأس.. كم اَغبطك.. أخيرا تخلصت من وحدتك!
آآه ماذا أصف لكِ.. إنها مشاعر فريدة.. وكأن السماء أمطرت علي ندفا من السكاكر! رباه كل شيء حولي يتغير.. الألوان.. الألحان.. حتى طعم الطعام! بمعنى أصح شهيتي مفتوحة للحياة!
غابت الحروف عن ناظري لوهلة...عين من الفرح تفجرت بكلماته تفجيرا! مازلت اذكر ذلك الحائط الذي باغتني صدفة ذات تصفح أثيري.. يمزق صمت العالم الافتراضي بوجع.. ناعيا ذكرى رحيل قلب ورفيقة حياة.. كانت كلماته مزجاة بشفق الغروب على شط هجره الصخب! مما حرك أمواجي نحو شطه.. تمخر هديرها كلمات المواساة.. معلنة مشاركته أديم الوحدة والأحزان إبان طلاقي! تبادلنا بروتوكولات المواساة.. ومنحته بضع كلمات تشد من عضده.. ونثرت على شاهد حبه دعوات سماوية! فامتدت أواصر الصداقة الافتراضية بيننا
غبطة تغلغت في نفسي لأجله.. يستحق هذا الرجل بعد هذا الكم من الوفاء لحزنه.. أن يبتهج بسطوع حب جديد! أبو الأيهم الأرمل الشاب.. تبتسم له الحياة مجددا.. تمنحه فرصة الولوج إلى مروج الفرح..علي ألا افقد الأمل.. ربما هي إشارة لي أن اَغتنم فرصة السعادة مع تركي
انتبهت على كم من الاستفهامات التي طبعها ليستنطق حروفي!
آآه عفوا الشبكة أبو الأيهم كما تعلم... سعيدة من أجلك أيها الصديق اللطيف.
هل تعلمين أن الحلاق يستفهم مني: شيء فيك قد تغير..هل ذهبت إلى حلاق آخر!! 
وهو يعلم تمام العلم أني لا اذهب إلى غيره إلا فيما ندر!!
شقيقتي تسألني :لقد أصبحت تهتم بهندامك مؤخرا!!
وتغمز لي بلؤم :من هي ؟؟ اعترف؟؟
هل تدركين أني مهندم بحكم عادتي..ولم أغير أثوابي مؤخرا..لكن هنالك رفيف رقيق يعانق ملامحي.. مشاعري تمطر على جوارحي ألقا.. إنه احساس فريد كما أخبرتكِ!
بعثت له عبر الأثير: كم هي محظوظة بك!
فاسترسل: ماذا أخبرك عنها؟ هي شفافة نعم شفافة كصفحة الماء.. ما أسهل أن تقرأ السرور في عينيها.. وتلك البسمة التي تحاول مقاومتها بحياء.. ولكن في أعماقها غموض آسر! كتومة، ومعتدة، ومكابرة، ومثقفة، ورقيقة القلب.. هل تعلمين.. تروقني كثيرا بل أكاد اجزم أنها تشبهني كثيرا. فعلى الرغم من كوني كتوم ومتحفظ بعض الشي.. إلا إني أغدو كتابا مفتوحا لها.. تنهار حواجزي.. لا يكاد يفصلني عنها سوى جلدي.. تجتاحني رغبة عارمة في احتوائها حتى نذوب في قالب واحد! أود ضمّها إلي كضمة القبر..حتى تختلف أضلاعنا ويعانق قلبي قلبها! ارغب أن أقف في حضرتها كما أنا.. بكل عيوبي ومزاياي ..أن أتجرد من أي رتوش .. تداهمني رغبة في الثرثرة معها لأتنعم بتعابيرها الشفافة، لانتزع منها الضحكات... آآه لو سمعتي قهقهتها الندية ... سرب من العصافير الباهرة تخفق بأجنحتها الملونة في فضائي القاحل..هي أبية ومغرورة و قوية.. تكفهر السماء لغضبها.. موقن أنها تضطرم لفكرة أن تكون مجرد رقم في سلسة أرقامي الدنجوانية! وليتها تعلم أنها هي بحالها رقم آخر بل دليل هاتف آخر .. صفحة لا يشاطرها أحد سوى قلبي المتيم!
- رباه..إذن اخبرها ..فإن مشاعرك ستذيب الثلوج على قمم الجبال الشاهقة!
- اخشى عليها صدقيني.. إنها ندية ..لدرجة تكاد تنطبع بصمات شفاهي على صفحة خدها الرقيق!
انتهى حوارنا الافتراضي بالدعاء له بالسداد مع حبه.. لم أتمكن أن اكتب له عن تركي ..لأسباب عدة..أولها فرحا ببهجته واحتراما لفضفضته وآخرها لأنني لم احسم أمري بعد.. شعلة غيرى اتقدت في عتمة زوايا قلبي.. زوبعة من الأفكار تداهمني.. آآه كم هي محظوظة محبوبته
وماذا عن تركي الذي يبتغي مني فرصة..ألستُ محظوظة به.. هذا الشاب الذي يبعثرني كلما واجهني بقلبه؟ 
يتبع،،

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

حطــــــــام 13

من أنا.. خلي السؤالات..
أنا لوحة تبحث عن ألوانها موعدا؟
نزار

سلخت..المحبس ..اتأمله.. حصني الذي بنيته ذات ليلة خائبة! اخفي فيه جثة ربع قرن من حياتي! اطمر فيه تلك الكلمة المقيتة (مطلقة)!
ادثر به جسدي من لسعات الاشفاق و أسدّ به مزاريب الرثاء والرياء العفنة! هذا الملاذ الحصين .. الذي اجبر به كسري و أقوّي به عزمي .. وأبدّد فيه ترف وحدتي.. لأحيي  فيه أمسيات مجون انكساري وخسارتي!   
 أتراني اخفقت في محق الخبر قبل أن يبلغ مؤسستي .. أيكون محبسي مجرد أضحوكة اختلقتها لنفسي وحسب! أتراهم يعرفون وبين أروقة الوزارة بخبر طلاقي يدندنون!
كيف لتركي أن يكون بهذه الثقة " اخلعيه والبسيني" أيهزأ من اكذوبتي التي لم تنطلي إلا على نفسي!
هذا ال"تركي" .. الذي يحتسي من أجفاني حكايتي ..متلمظا بنشوة اضطرابي.. ممطرا اياي مشاعر متنافرة كالنوافير!! يضحكني ويكاد يبكيني ..يحملني الى افلاك المسرات يملأ جيوبي  الفارغة بنجوم الامنيات ..ثم ما تلبث ان تتلاشى!
تحسست صفحة خدي اللاهبة بقبلة داهمتني على عجل.. لتزلزل أركان خلوتي!
"سلمى ..امنحيني فرصة... كي تعرفيني ..ثم قرري ماذا تفعلي برهينتك.. اعطه فرصة قبل اعدامه"!
هناك في الأعماق الصلدة  برعم  ندي يكشف عن نفسه..يدعى الفرح!
يشهق فراس سعادة: أخيرا خلعتي الخاتم!!
ابتسامة تخترق مفاجأتي به لتستقر على وجهي بصمت!

يتبع،،