روح البحث

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

حطـــــــام 14

"الاصغاء هو الخطوة الأولى على طريق الولادة الجديدة"
اوشو



تركت المحبس على طاولة التسريحة.. ليمارس علي طقوس إغوائه وربما لاَمتحن صبري على استفزازه!
ومض هاتفي باِشعارمباغت..
لو لم اصطدم بها لوقعت في غرامك أنتِ!
رسالة طفت على متصفح ال"time line" الخاص بي! إنها من ذلك الصديق الافتراضي اللطيف.. الذي يؤنس وحدتي في لحظاتي النادرة التي أتواجد بها "on line" !
كبست على أزرار لوحة المفاتيح بانفعال: ونبض قلبك للحب أخيرا !!
لم انتظر منه جوابا واسرعت في عتابه: وهذا سبب صمت رسائلك كل هذه المدة!
بعث لي وجها باسما.. واختفى عن الأثير الافتراضي! لتداهمني وحدة هادرة! عجبا لحركة الأبراج.. أنتشاطر اللحظات الوليدة ذاتها! سبحت في أعماقي غبطة برشاقة تلك السمكة التي تسمى بالراقصة الأسبانية.. إلا إنها لم تتمكن من ردع تلك الموجة المضطربة من القلق وهواجس الوحدة

رفيق خيباتي الذي كنت أقاسمه قمح أحزاني.. واستمع إلى أنينه الحزين المنتصب على أحاديثه بخشوع كالمآذن! سمير وحدتي الذي كان يهدهد دموعي الحارقة.. بلسمي من جراح تلك الشفرة التي سددها المجتمع نحو عنقي! آآه رباه ..كيف يمكنني أن أكون بهذه النرجسية أليس من حقه أن يخرج من كوة الوحدة الى ملكوت الحب الرحب! علي أن ابتهج ..هاهو رفيقي..تزهر في حنايا حقله فراشة زاهية تلون فضاءه الرمادي
طفت رسالة اخرى على شاشة الهاتف: اعذريني الشبكة قاتلة!
كبست على الأزرار: لا بأس.. كم اَغبطك.. أخيرا تخلصت من وحدتك!
آآه ماذا أصف لكِ.. إنها مشاعر فريدة.. وكأن السماء أمطرت علي ندفا من السكاكر! رباه كل شيء حولي يتغير.. الألوان.. الألحان.. حتى طعم الطعام! بمعنى أصح شهيتي مفتوحة للحياة!
غابت الحروف عن ناظري لوهلة...عين من الفرح تفجرت بكلماته تفجيرا! مازلت اذكر ذلك الحائط الذي باغتني صدفة ذات تصفح أثيري.. يمزق صمت العالم الافتراضي بوجع.. ناعيا ذكرى رحيل قلب ورفيقة حياة.. كانت كلماته مزجاة بشفق الغروب على شط هجره الصخب! مما حرك أمواجي نحو شطه.. تمخر هديرها كلمات المواساة.. معلنة مشاركته أديم الوحدة والأحزان إبان طلاقي! تبادلنا بروتوكولات المواساة.. ومنحته بضع كلمات تشد من عضده.. ونثرت على شاهد حبه دعوات سماوية! فامتدت أواصر الصداقة الافتراضية بيننا
غبطة تغلغت في نفسي لأجله.. يستحق هذا الرجل بعد هذا الكم من الوفاء لحزنه.. أن يبتهج بسطوع حب جديد! أبو الأيهم الأرمل الشاب.. تبتسم له الحياة مجددا.. تمنحه فرصة الولوج إلى مروج الفرح..علي ألا افقد الأمل.. ربما هي إشارة لي أن اَغتنم فرصة السعادة مع تركي
انتبهت على كم من الاستفهامات التي طبعها ليستنطق حروفي!
آآه عفوا الشبكة أبو الأيهم كما تعلم... سعيدة من أجلك أيها الصديق اللطيف.
هل تعلمين أن الحلاق يستفهم مني: شيء فيك قد تغير..هل ذهبت إلى حلاق آخر!! 
وهو يعلم تمام العلم أني لا اذهب إلى غيره إلا فيما ندر!!
شقيقتي تسألني :لقد أصبحت تهتم بهندامك مؤخرا!!
وتغمز لي بلؤم :من هي ؟؟ اعترف؟؟
هل تدركين أني مهندم بحكم عادتي..ولم أغير أثوابي مؤخرا..لكن هنالك رفيف رقيق يعانق ملامحي.. مشاعري تمطر على جوارحي ألقا.. إنه احساس فريد كما أخبرتكِ!
بعثت له عبر الأثير: كم هي محظوظة بك!
فاسترسل: ماذا أخبرك عنها؟ هي شفافة نعم شفافة كصفحة الماء.. ما أسهل أن تقرأ السرور في عينيها.. وتلك البسمة التي تحاول مقاومتها بحياء.. ولكن في أعماقها غموض آسر! كتومة، ومعتدة، ومكابرة، ومثقفة، ورقيقة القلب.. هل تعلمين.. تروقني كثيرا بل أكاد اجزم أنها تشبهني كثيرا. فعلى الرغم من كوني كتوم ومتحفظ بعض الشي.. إلا إني أغدو كتابا مفتوحا لها.. تنهار حواجزي.. لا يكاد يفصلني عنها سوى جلدي.. تجتاحني رغبة عارمة في احتوائها حتى نذوب في قالب واحد! أود ضمّها إلي كضمة القبر..حتى تختلف أضلاعنا ويعانق قلبي قلبها! ارغب أن أقف في حضرتها كما أنا.. بكل عيوبي ومزاياي ..أن أتجرد من أي رتوش .. تداهمني رغبة في الثرثرة معها لأتنعم بتعابيرها الشفافة، لانتزع منها الضحكات... آآه لو سمعتي قهقهتها الندية ... سرب من العصافير الباهرة تخفق بأجنحتها الملونة في فضائي القاحل..هي أبية ومغرورة و قوية.. تكفهر السماء لغضبها.. موقن أنها تضطرم لفكرة أن تكون مجرد رقم في سلسة أرقامي الدنجوانية! وليتها تعلم أنها هي بحالها رقم آخر بل دليل هاتف آخر .. صفحة لا يشاطرها أحد سوى قلبي المتيم!
- رباه..إذن اخبرها ..فإن مشاعرك ستذيب الثلوج على قمم الجبال الشاهقة!
- اخشى عليها صدقيني.. إنها ندية ..لدرجة تكاد تنطبع بصمات شفاهي على صفحة خدها الرقيق!
انتهى حوارنا الافتراضي بالدعاء له بالسداد مع حبه.. لم أتمكن أن اكتب له عن تركي ..لأسباب عدة..أولها فرحا ببهجته واحتراما لفضفضته وآخرها لأنني لم احسم أمري بعد.. شعلة غيرى اتقدت في عتمة زوايا قلبي.. زوبعة من الأفكار تداهمني.. آآه كم هي محظوظة محبوبته
وماذا عن تركي الذي يبتغي مني فرصة..ألستُ محظوظة به.. هذا الشاب الذي يبعثرني كلما واجهني بقلبه؟ 
يتبع،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق