روح البحث

الأحد، 29 مارس 2015

خطة (تتمة)



هاقد استيقظت وأستعد الآن للذهاب الى العمل... والصمت يغلفني تماما كالضباب الذي يعانق ولايتي في هذا الصباح..يالها من بداية مبشرة همست لنفسي.
كانت السيارة تمشي في سكون الفجر بهدوء ...
انظري مدام...
همس السائق الآسيوي مشققا وشاح الصمت..
 وهو يريني صورة لفتاة في غاية الزينة على هاتفه الذكي الذي يشبه هاتفي...
بالأمس كنت في عرس أحد اقاربي... هذه هي العروس..
وجدت من غير اللائق ألا أبادله الحديث..
تبدو صغيرة!
شهناز ...18عاما.
امتد الحديث الى العريس الأربعيني الذي كان واقفا بجانبها في الصورة التالية وعن مهنته ودخله هكذا اخذنا الحديث حتى وصلت الى موقف الحافلة!
يالها من بداية... ترجلت وأنا أمنّي نفسي باستئناف الصيام عن الكلام في الحافلة!
دلفت الحافلة.. همست مصبحة عليهن.. كان الوضع مبشرا الكل صامت وبعض الزميلات كن نائمات،  حمدت الرب وجلست بجوار زميلتي، اتكأت على المقعد وأغمضت اجفاني، إلا ان حركة غير طبيعية كانت تحدث لزميلتي التي تجلس بجواري، تحدثت ف الهاتف بكلمات مضطربة.. كانت تحاول الهمس ولكن صوتها داهم صمت الحافلة واخترق اذني التواقة للسكون...
فهمت أن حدثا حصل معها الآن... باركت لها ابتسمت مقدرة تهنئتي وأخذت تسهب في شرح حالة زوجة شقيقها وتعسر ولادتها منذ الامس بالمشفى..وان شقيقها في اوروبا في مهمة عمل.. وهكذا ذهب نصف الطريق وانا اهدئ من روعها وأتحمد الرب على سلامة زوجة شقيقها..وعلى المولودة .
حسنا يبدو أنني فشلت أن أحارب سجيتي، وأن أدخل هذا اللسان الى كهف الصمت وأغلق عليه باب المغارة وأنسى كلمة السر!
لا بأس مازلنا في بداية الصباح سأصمت في المكتب..
انتصف النهار وقد أنهيت معظم أعمالي الروتينية في صمت..
في الممر التقيت احدى الزميلات التي ما أن شاهدت طلتي حتى بدأت تكيل الي نصائحها الذهبية والتي للمفارقة هي لا تقل حاجة لها مني ، كانت تتحدث وتسهب وأنا استمتع بصمتي ..فالتحقت في حديثنا زميلة اخرى وتشعب الحديث وكله كان انتقاد لنقاشاتي.. كان بالامكان ان ادافع عن نفسي، لكني اكتفيت بابتسامة نظرا لاكتسابي سببا جديدا يضاف الى رغبتي في الصمت.

أكملت مسيري الى نهاية الممروأنا أشعر بإحباط ما، صحيح انني تحدثت قليلا الا ان تلك الثرثرة شوهت علي حالة السكون التي كنت انشدها، أن اصوم يوما عن الكلام لا يعني ان اتحول الى مستمعة الى مذياع يبث أغاني مستهلكة!
 عانقتني بفرح بعد ان كدت اصطدم بها وانا في حالة التفكر هذه، وسحبتني من يدي ودلفنا مكتبها المجاور، لم تمنحني وقتا حتى جاء المراسل لي بكوب شاي، كانت تتحدث عن مواقف سابقة جمعتنا وأخذت تسرد مدى سعادتها بتصرفاتي الودودة اتجاها وتشعب حديثها الى الحياة والاحباطات والتشبث بالأمل، شعرت انها كانت متخمة بالحكايا وتنتظر من تشاطره كعكة الحديث بسخاء. انصت اليها وأظن انها المرة الأولى التي امنحها هذا الوقت كمستمعة وشاركتها بعض الحديث فلم أرد اجرح مشاعرها بصمتي الأجوف!
 دلفت الى أحد المكاتب المجاورة من أجل موضوع في العمل، واذا بأحد الزملاء الأفاضل الذي يشغل منصبا ما يلقي علي بتحية صباحية عبقة، ثم دار حديث ودي لطيف. وهنا كنت متذبذبة بين رغبتي في الصمت والحديث بعفويتي المعتادة. إلا أن عفوية هذا المسؤول أجبرتني أن أتجرد من رتوش الصمت، وان اوازي حديثه بالعطاء.
عدت الى مكتبي متخمة بالأفكار والتجارب، ضحكت متذكرة مقالا لأحمد حلمي عندما أراد أن يكون مثاليا، فكان الجو العام غير مثالي لهكذا قرار. لا يمكن للانسان ان يكون حديا في قراراته.. او لنقل الحدية لا تتناسب مع شخصي أنا.. خاصة ان هناك صورة ذهنية قد تشكلت للذين يشاركونني معزوفة الحياة.. كنت اريد تقنين ثرثرتي فصرت مستمعة جيدة لأول مرة.. حسنا كانت تجربة لذيذة تحتاج الى تقنين ومرونة ووضوح رؤيا.



الثلاثاء، 24 مارس 2015

خطة.....





بينما كان العام 2014 يلملم حقائبه المثخنة بالأوجاع والخيبات إيذانا بالرحيل، كنت أفكر في وضع خطة وأهداف لي تتماهى مع حدث استقبال العام الميلادي الجديد على غرار ما فعلته في السنوات القليلة السابقة والتي تحقق بعضها وتوارى جلها في زحام ذلك العام.
لكنني هذا العام أردت أن أحيا خططي بعفوية متأثرة بكتابات علي الوردي وتشديده على السجية والاستماع للصوت الداخلي.. فانقدحت في رأسي ومضة من الذكرى حيث تذكرت احتفالات البلاد في طفولة ما، كاحتفالات عام الشبيبة والصناعة والزراعة... الخ
فأصدرت مرسوما شخصيا أن أجعل عامي هذا عام السجية والاستماع للصوت الداخلي. ياسلام ياله من شعار وياله من عام صوفي، (أنا هين كنت منقرعة عني) فكرت بإعجاب!
عموما بعد هذه المقدمة سرعانما اكتشفت أن سجيتي وثرثرتي ووضوحي ستودي بي  في ستين داهية ونصف.. وتداركا لذلك القرار قررت أن أصدر مرسوما صامتا!
 الصمت ولو ليوم واحد، قرارعظيم ومخالف لسجيتي وشاق على نفسي تماما، كقراري صيام يوم الاثنين وحرماني من كوب الشاي الصباحي ليحتسي الصداع النصفي أعصابي!
ولأشجع نفسي على هذا القرار والمنهج الشاق الذي سأسير عليه.. سأذكر نفسي بفضائل سبائك الصمت الذهبية.. وسأخلع عني تلك الاكسسورات الفضية من الكلام وأنينها المزعج. ألم يكن الأنبياء والصالحون قديما يصومون عن الكلام إلا رمزا!
فهئنذي الفقيرة لله تتشبه بالصالحين رغم أنها ليست منهم وليس هذا تواضع مني يحاكي الإمام الشافعي معاذ الله..  إنما سرد وقائع صادقة بشحمها ولحمها!
حسنا سأدخر ثرثرتي على الورق وهذه أعظم هبة لهذا الصوم، وعوضا عن ازعاج شخص أو شخصين بالكثير..سأزعج القراء وسأتخيل أصفارا فلكية ارضاء للايجو المجروح الخاص بي
والذي بسببه ورحلته العلاجية دسست بنفسي داخل شرنقة الصمت.
واستأنفت بكيل الاتهامات لسجيتي، لعدم قدرتي الكتابة لفترات طويلة، قراءاتي، تجاربي، استخلاصاتي، حكايات أطفالي، كانت تتبخر عندما أواجه الكيبورد، فأحاول باستماتة استخراج حادثة ما، أخشخش حصالة مخي، ولا أجد شيئا في قعرها!
أين تتبخر؟؟ لابد أن ثرثرتي المجانية بددت مدخرات الحصالة.. لابد من الحزم!
إذن من الغد سيكون يوما تاريخيا...سأستقل الحافلة ولن أتأفف لرفيقة رحلة الشتاء والصيف من زحام يوم الأحد المقرف والايام التي تليها، وفي المكتب سأكتفي بنشر التحية الصباحية دون تفاصيل عن الزحمة والطقس الذي يخاتلنا بتقلباته والأحداث التي تطفو على صفحات مواقع التواصل.
سأشغل جهاز الحاسوب.. وأستانف أعمالي الروتينية في صمت..سيأتي زملائي.. سأبتسم سيشتكي أحدهم من البيروقراطية.. سأشغل نفسي بكوب الشاي وأسترخي.. ستذكرني زميلة ما عن بعض الأمور العالقة بين الزملاء ..سأضع الهيدفون على رأسي وسأستمع للصمت.
يتبع..


الأربعاء، 11 مارس 2015

AAP KI KANEEZ المسلسل الباكستاني

لماذا لا تفهم ان الاحاسيس لدى الاحياء وليس الموتى!
كنيز
مرحبا مجددا أيها الأعزاء...

لاحظت من خلال مطالعة احصائيات المدونة ... ان هناك اهتمام خاص من القراء بالمواضيع ذات الصلة بالدراما الباكستانية ،
لهذا جئتكم بهذا المسلسل الطازج والذي هذه المرة سيخيب أملكم مجددا... بعد ان عرضت عليكم مسلسل داستان و زندكي جولزار هي.. لم أصادف دراما تستحق الثناء للاسف.. فمن شناخت الى هذا المسلسل الذي انا بصدد عرضه نجد ان صناع الدراما الباكستانية مهوسين بالكم وليس الكيف كحال السينما التجارية .

كنيز هو اسم البطلة والذي يعني (خادمة) نعم اعزائي لا تندهشوا المسلسل يحمل معنيين يعني كنيزك.. او خادمتك!
قصة فتاة يافعة لظروف خاصة تتزوج من أرمل ثري والذي هو السيد الذي يعمل والدها كبستاني في بيته ، شاه مير أفندي عاشق زوجته الراحلة والمخلص لذكراها بشكل هيستيري غير معقول!
وتتمحور القصة في صبر واجتهاد هذه الفتاة وأملها في نيل حقوقها الزوجية من هذا الأرمل العاشق!
المثير للاستفزاز ان هذه الفتاة كنيز الصامتة الخجولة تتعرض لظلم لا يقاس ولضغوط شديدة من قبل عمة زوجها ويتوفى والدها دون ان تراه ومع ذلك لا تتفوه بشيء لانها وعدت والدها ان تصون هذا الزواج!

والاكثر غرابة هو تحولها المفاجئ الى فتاة جريئة بين ليلة وضحاها ... وعلاقتها الغريبة مع شقيقتها آرزو التي تحمل كل تناقضات الكون!
مسلسل نمطي الى ابعد حد... خال حتى من الحوارات التي تستوقفك باستناء القليل جدا!
مسلسل يذكرك بأعمال السينما البوليودية النمطية في فترة السبعينات والثمانينات خاصة،
دراما مع قصة غبية كما نعته بعض المشاهدين بل وصل بأحد المشاهدين انه قرر حذف تلك القناة من جهاز الاستقبال لديه فقط ليخفف عن نفسه وطأة مشاهدة هذا الغثاء وال garbage  على حد تعبيره! بينما ألقى احدهم تساؤلا هل هناك فعلا متابعين لهذه القناة والدراما لأنه بكل بساطة توقف عن فعل ذلك!
في حين ان هنالك مشاهدين استحسنوا العمل وأثنوا عليه!!!
لنعد الى هذه الدراما التي تذكرنا بالأفلام التجارية  والتي وصلت للحلقة 25 ويتزامن ذلك مع احتفالات العالم بيوم المرأة!
وأي اهانة أكبر للمرأة من هذه الدراما التي تنعتها بالخادمة وتطلب منها التضحية والتسليم لجلادها الرجل!
الدراما من كتابة وهنا المفارقة الكاتبة الباكستانية  Faiza Iftikhar
والعمل من اخراج Amir Yousaf
وبطولة كل من Shamim Hilali, Atiqa Odho, Aly Khan,Yumna Zaidi, Sohail Asghar, Gul-e-Rana, AyeshaToor and Mohammad Ali Khan.


الأحد، 1 مارس 2015

رحلة مع رحلة الشقيري الصوفية

" إذا أردت أن ترحم الناس فإبدأ برحمة كل شئ غير الإنسان أولاً, مثل الجمادات والنباتات والحيوانات , فهذه رحمتها أسهل من رحمة الناس وهي مدخل سهل لإدخال الرحمة في قلبك..."


في هذه الايام المباركة ونحن نحتفي بالحدث السنوي الثقافي الذي نترقبه كل عام ألا وهو معرض الكتاب حيث يتسابق رواد شبكات التواصل في إعداد قوائم كتبهم والبعض يترك لنفسه العنان في  التجول بين أروقة المعرض المزدانة بصنوف من الكتب الشهية ليختار لنفسه وجبة قرائية طازجة من هذا البوفيه الثقافي.. وحينما يبدأ البعض بعرض صور غنائم المعرض في جو محموم بالتنافس والمباهاة الجميلة بالنسبة الي.. عشنا أياما محمومة مختلفة هذا العام عن العام الماضي وذلك باختفاء الكاتب معاوية الرواحي ف معتقلات الامارات لأسباب غامضة.. والذي كان وجوده صاخبا في المعرض السابق بمبادرته المميزة بالتبرع بكتب لطلاب الجامعة... ثم ذابت التساؤلات كعادة المواضيع على فضاءات النت ليظهر لنا تيار يصور مقتطفات من اصدارات عمانية ويحاكمها...

وهذا ما أعادني لحديث وقع بيني وبين ابني علي البالغ من العمر 15 ربيعا.. عندما طلب مني كتابا خفيفا ليقرأه فرشحت له كتابا  كان من غنائم المعرض السابق.. تركته يذوب بين سطور الكتاب لأذوي أنا ف كتاب الشقيري ..حتى أطل برأسه المشاغب سائلا اياي: هل انت جادة في ترشيحك لي هذا الكتاب بالذات؟
اندهشت من سؤاله وأكدت له ان النص شهي وانه يحمل حسا سرديا لذيذا ومميزا!
لكنه جاء بالكتاب ليريني سطورا قمت بتظليلها متسائلا في استهتار وضحكة تتجلجل في فمه: امي انظري ما هذا يجب ان يكتبوا على هذا الكتاب +18
نظرت اليه: لقد تركت كل ماف الكتاب وتشبثت بهذا السطر الذي يحمل فلسفة ان الحب ليس بالضرورة ان يكون جنسا!
هل تشعر برغبة ف الانحراف بعد قراءتك لهذه السطور
ضحك مجددا نافيا ذلك...
فقلت هل ما قرأته ف هذا الكتاب أسوأ مم قرأت أنت بعيدا عن عيني؟
قطعا هنالك الأسوأ في عالم النت..
اذن اخرس .. وان لم يعجبك الكتاب فغيره وكفى!


شاءت الأقدار أن ابتعد عن معمعة الفضاء الالكتروني  في رحلة صوفية مع كتاب رحلتي مع غاندي .. لأحمد الشقيري.. وما لفت انتباهي تأثره الشديد بفلسفة الساتياغراها السلمية...وهو ما حصل معي من اعجاب بعدما قرأت مذكرات غاندي.. أحببت اقتباساته لمذكرات غاندي وتعليقاته وكنت اقارن عن الاشياء المشتركة بيننا كقراء ومتلقين..وما اعجبني ايضا ان الشقيري محسوب على التيار الديني الا انه لم يخجل ان يعبر عن اعجابه بهذا (الهندوسي) موهنداس غاندي !
كتاب سلس خفيف .. الجميل في احمد الشقيري ..هو تواضع روحه.. وانسانيته المفرطة وصدقه.. وهذا ما يجعل الكتاب قريبا من القلب...
اشياء كثيرة لفتتني في الفصل الذي تضمن رحلته الروحية الى بونا.. منتزعا نفسه من جدوله الزاخر بالمواعيد والاعمال.. وقراره المدهش بالتخلي عن الموبايل واللابتوب والابتعاد عن النت. كم اتمنى ان افعل ذلك!
لقد ذكر الشقيري مدى التصاقنا بأشياء بطريقة ادمانية، كان يتفقد جيب بنطلونه ناسيا انه ترك الموبايل في درج مغلق بغرفته في السعودية. ثم اوضح مدى شعوره بالخفة لعدم وجود الموبايل.. وبدأ يسرد رحلته الروحية  البعيدة عن ازعاج التلفاز والنت.. وذكر انه انهى كتابا في كل يوم قضاه في المنتجع الذي قصده لهذه الرحلة الروحية ليتأمل ويراجع نفسه.. ذكر عدة مشاعر ومشاهد وقناعات عايشها في هذه الرحلة.. سعدت بمعية هذا الكتاب الخفيف..وشجعت ابني المراهق ان يقرأه بعد ان ينهي كتابه السالف الذكر الذي بين يديه.