روح البحث

الأحد، 1 مارس 2015

رحلة مع رحلة الشقيري الصوفية

" إذا أردت أن ترحم الناس فإبدأ برحمة كل شئ غير الإنسان أولاً, مثل الجمادات والنباتات والحيوانات , فهذه رحمتها أسهل من رحمة الناس وهي مدخل سهل لإدخال الرحمة في قلبك..."


في هذه الايام المباركة ونحن نحتفي بالحدث السنوي الثقافي الذي نترقبه كل عام ألا وهو معرض الكتاب حيث يتسابق رواد شبكات التواصل في إعداد قوائم كتبهم والبعض يترك لنفسه العنان في  التجول بين أروقة المعرض المزدانة بصنوف من الكتب الشهية ليختار لنفسه وجبة قرائية طازجة من هذا البوفيه الثقافي.. وحينما يبدأ البعض بعرض صور غنائم المعرض في جو محموم بالتنافس والمباهاة الجميلة بالنسبة الي.. عشنا أياما محمومة مختلفة هذا العام عن العام الماضي وذلك باختفاء الكاتب معاوية الرواحي ف معتقلات الامارات لأسباب غامضة.. والذي كان وجوده صاخبا في المعرض السابق بمبادرته المميزة بالتبرع بكتب لطلاب الجامعة... ثم ذابت التساؤلات كعادة المواضيع على فضاءات النت ليظهر لنا تيار يصور مقتطفات من اصدارات عمانية ويحاكمها...

وهذا ما أعادني لحديث وقع بيني وبين ابني علي البالغ من العمر 15 ربيعا.. عندما طلب مني كتابا خفيفا ليقرأه فرشحت له كتابا  كان من غنائم المعرض السابق.. تركته يذوب بين سطور الكتاب لأذوي أنا ف كتاب الشقيري ..حتى أطل برأسه المشاغب سائلا اياي: هل انت جادة في ترشيحك لي هذا الكتاب بالذات؟
اندهشت من سؤاله وأكدت له ان النص شهي وانه يحمل حسا سرديا لذيذا ومميزا!
لكنه جاء بالكتاب ليريني سطورا قمت بتظليلها متسائلا في استهتار وضحكة تتجلجل في فمه: امي انظري ما هذا يجب ان يكتبوا على هذا الكتاب +18
نظرت اليه: لقد تركت كل ماف الكتاب وتشبثت بهذا السطر الذي يحمل فلسفة ان الحب ليس بالضرورة ان يكون جنسا!
هل تشعر برغبة ف الانحراف بعد قراءتك لهذه السطور
ضحك مجددا نافيا ذلك...
فقلت هل ما قرأته ف هذا الكتاب أسوأ مم قرأت أنت بعيدا عن عيني؟
قطعا هنالك الأسوأ في عالم النت..
اذن اخرس .. وان لم يعجبك الكتاب فغيره وكفى!


شاءت الأقدار أن ابتعد عن معمعة الفضاء الالكتروني  في رحلة صوفية مع كتاب رحلتي مع غاندي .. لأحمد الشقيري.. وما لفت انتباهي تأثره الشديد بفلسفة الساتياغراها السلمية...وهو ما حصل معي من اعجاب بعدما قرأت مذكرات غاندي.. أحببت اقتباساته لمذكرات غاندي وتعليقاته وكنت اقارن عن الاشياء المشتركة بيننا كقراء ومتلقين..وما اعجبني ايضا ان الشقيري محسوب على التيار الديني الا انه لم يخجل ان يعبر عن اعجابه بهذا (الهندوسي) موهنداس غاندي !
كتاب سلس خفيف .. الجميل في احمد الشقيري ..هو تواضع روحه.. وانسانيته المفرطة وصدقه.. وهذا ما يجعل الكتاب قريبا من القلب...
اشياء كثيرة لفتتني في الفصل الذي تضمن رحلته الروحية الى بونا.. منتزعا نفسه من جدوله الزاخر بالمواعيد والاعمال.. وقراره المدهش بالتخلي عن الموبايل واللابتوب والابتعاد عن النت. كم اتمنى ان افعل ذلك!
لقد ذكر الشقيري مدى التصاقنا بأشياء بطريقة ادمانية، كان يتفقد جيب بنطلونه ناسيا انه ترك الموبايل في درج مغلق بغرفته في السعودية. ثم اوضح مدى شعوره بالخفة لعدم وجود الموبايل.. وبدأ يسرد رحلته الروحية  البعيدة عن ازعاج التلفاز والنت.. وذكر انه انهى كتابا في كل يوم قضاه في المنتجع الذي قصده لهذه الرحلة الروحية ليتأمل ويراجع نفسه.. ذكر عدة مشاعر ومشاهد وقناعات عايشها في هذه الرحلة.. سعدت بمعية هذا الكتاب الخفيف..وشجعت ابني المراهق ان يقرأه بعد ان ينهي كتابه السالف الذكر الذي بين يديه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق