بينما كان العام 2014 يلملم حقائبه المثخنة
بالأوجاع والخيبات إيذانا بالرحيل، كنت أفكر في وضع خطة وأهداف لي تتماهى مع حدث
استقبال العام الميلادي الجديد على غرار ما فعلته في السنوات القليلة السابقة
والتي تحقق بعضها وتوارى جلها في زحام ذلك العام.
لكنني هذا العام أردت أن أحيا خططي بعفوية
متأثرة بكتابات علي الوردي وتشديده على السجية والاستماع للصوت الداخلي.. فانقدحت
في رأسي ومضة من الذكرى حيث تذكرت احتفالات البلاد في طفولة ما، كاحتفالات عام
الشبيبة والصناعة والزراعة... الخ
فأصدرت مرسوما شخصيا أن أجعل عامي هذا عام
السجية والاستماع للصوت الداخلي. ياسلام ياله من شعار وياله من عام صوفي، (أنا هين
كنت منقرعة عني) فكرت بإعجاب!
عموما بعد هذه المقدمة سرعانما اكتشفت أن
سجيتي وثرثرتي ووضوحي ستودي بي في ستين
داهية ونصف.. وتداركا لذلك القرار قررت أن أصدر مرسوما صامتا!
الصمت ولو ليوم واحد، قرارعظيم ومخالف لسجيتي
وشاق على نفسي تماما، كقراري صيام يوم الاثنين وحرماني من كوب الشاي الصباحي
ليحتسي الصداع النصفي أعصابي!
ولأشجع نفسي على هذا القرار والمنهج الشاق الذي سأسير عليه.. سأذكر نفسي
بفضائل سبائك الصمت الذهبية.. وسأخلع عني تلك الاكسسورات الفضية من الكلام وأنينها
المزعج. ألم يكن الأنبياء والصالحون قديما يصومون عن الكلام إلا رمزا!
فهئنذي الفقيرة لله تتشبه بالصالحين رغم أنها ليست منهم وليس هذا تواضع مني
يحاكي الإمام الشافعي معاذ الله.. إنما
سرد وقائع صادقة بشحمها ولحمها!
حسنا سأدخر ثرثرتي على الورق وهذه أعظم هبة لهذا الصوم، وعوضا عن ازعاج شخص
أو شخصين بالكثير..سأزعج القراء وسأتخيل أصفارا فلكية ارضاء للايجو المجروح الخاص
بي
والذي بسببه ورحلته العلاجية دسست بنفسي داخل شرنقة الصمت.
واستأنفت بكيل الاتهامات لسجيتي، لعدم قدرتي الكتابة لفترات طويلة، قراءاتي،
تجاربي، استخلاصاتي، حكايات أطفالي، كانت تتبخر عندما أواجه الكيبورد، فأحاول
باستماتة استخراج حادثة ما، أخشخش حصالة مخي، ولا أجد شيئا في قعرها!
أين تتبخر؟؟ لابد أن ثرثرتي المجانية بددت مدخرات الحصالة.. لابد من الحزم!
إذن من الغد سيكون يوما تاريخيا...سأستقل الحافلة ولن أتأفف لرفيقة رحلة
الشتاء والصيف من زحام يوم الأحد المقرف والايام التي تليها، وفي المكتب سأكتفي
بنشر التحية الصباحية دون تفاصيل عن الزحمة والطقس الذي يخاتلنا بتقلباته والأحداث
التي تطفو على صفحات مواقع التواصل.
سأشغل جهاز الحاسوب.. وأستانف أعمالي الروتينية في صمت..سيأتي زملائي..
سأبتسم سيشتكي أحدهم من البيروقراطية.. سأشغل نفسي بكوب الشاي وأسترخي.. ستذكرني
زميلة ما عن بعض الأمور العالقة بين الزملاء ..سأضع الهيدفون على رأسي وسأستمع
للصمت.
يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق