ليس للنساء عمل في الحياة سوى الحب، أما حياة الرجل فهي
حب العمل، ومن هنا بدأ سوء التفاهم!
توفيق الحكيم
مشكلة النساء أنهن يجعلن أزواجهن مركز الكون
في فلك حياتهن! وهذا ما يسبب لهن الأزمات والانهيارات النفسية!
فأحنت رأسها موافقة على كلامي بحزن!
طفت هذه اللمحة على سطح ذاكرتي ..وهي تموج
بقصة ذلك البرودكاست الذي أخذ حيزا من نقاشاتنا في تلك المجموعة التي تجمعني
بزميلات العمل على" الواتس اب". المرأة التي أرادت مفاجأة زوجها.. فحجزت
غرفة بفندق راقٍ وقد تزينت وتهيأت له كعروس.. وطلبت من إدارة الفندق دعوة زوجها
للغرفة على أنها جائزة ربحها..فما كان من الزوج إلا تلبية دعوة الفندق السخية
بصحبة صديقته "الوافدة".. فحدثت الزلزلة! فخلصت النقاشات إلى اتهام
المرأة بالعاطفة الزائدة.. وتحويلها رجل قلبها إلى إله تطوف حوله بإخلاص صوفي! وهذا
ما أعاد الى ذهني نصيحتي للسيدة "ف"!
لم يخيل الي أنها في نهاية المطاف ستنضم إلى
قائمة البائسات! نعم مازالت أصداء تلك الفضفضة النسائية الخاصة التي جمعتني بهذه
السيدة الستينية عالقة بقلبي قبل ذهني. ولم أتمكن من إبداء تبجيلي لها عندما فتحت
قلبها على مصراعيه لي أنا المحدودة الخبرات..لتلقي بأكوام همومها علها تخفف من
خيبتها و أكدارها.
ماذا اخبركم عن هذه السيدة الأنيقة.. التي
كانت تبدو أشد نضارة من صحيباتها اللواتي للمفارقة يصغرنها بأعوام. كانت تبهرني
كلما رأيتها في محفل اجتماعي.. برونقها وبسمتها وحيويتها.. نعم كنت أعلم أنها تحيا
حياة زوجية هانئة نسبيا لصويحباتها "الهرمات" اللواتي يعشن طلاقا عاطفيا
وصل إلى هجر احداهن غرفة الحياة الزوجية بينما الأخرى تعيش معركة لسانية سرمدية
الوطيس مع شريك حياتها وصل إلى الدعوات بالموت على الملأ! فقد تشكلت لدي قناعة أن
سبب نضارتها هو زوجها السبعيني الذي يدللها ولا يبخل عليها ماديا ومعنويا رغم مرور
السنين وتمدد العائلة أفقيا وعموديا. إلا أن رياح الأقدار عاكست اشتهاء سفينتها
الوادعة على شط رجُلها. فقد عرفت التجاعيد طريقها إلى بشرتها في زمن قياسي.. واستوطن
الحزن صوتها الصاخب!
نظرت إلي بانكسار: لم يحاول حتى أن يعتذر
لي.. لم يبرر لي .. لم يكلف نفسه عناء جبر خاطري..بعد كل هذه السنين .. هئنذا
اكتشف زيجاته السرية.. وثمرات تلك الزيجات قد طلعت وأينعت للعيان والشامتين!
تنهدت قائلة: لا يقهرني سوى ثقتي العمياء
به..وتصديقي الكامل له..آآه كم أبدو مغفلة! شيء يدعو للشفقة والغثيان!
فحدثتها عن بلسم النساء في هكذا مواضيع بكلام
البروفسور طارق الحبيب.. ألا تجعل الرجل محور حياتها، بل تلتفت الى نفسها وتدللها
بالصويحبات والأبناء والزيارات والنشاطات وتكافئ نفسها على انجازاتها.
إلا إني في قرارة نفسي لا أجد هذا حلا بل
بلسما وحسب لتخفيف حدة الوحدة والخواء التي تعيشها المرأة! هل يمكن للمرأة إلا أن
تكون عاشقة ومتولهة بحب رجل حياتها. هذه المخلوقة التي خلقت من ضلع الرجل .. لتكون
سكنا وكنفا.. كيف لها ألا تعيش دورها الحقيقي.. وهي منذ طفولتها تلعب بالدمى مكونة
أسرة من الخيال. تأملوا معي هذه المرأة بعد يوم شاق من العمل والجري وراء متطلبات
الأبناء ..ألا تبتغي حضنا تدس فيه جسدها المنهك..وروحها المرهقة بتفاصيل الحياة! ألا
تحن لوجود نبض يسمعها ..يسمعها وحسب! ألا تشتهي كلمة حب تشنف أسماعها لتتدفق رغبة
الحياة في وريدها! يُعتب على الأنثى عاطفتها الجياشة وعدم تحكمها في مشاعرها... أتساءل
وهل هذا عيب أم ميزة ؟؟ وهل بوسع الانثى إلا أن تكون انثى!