"الخوف ألم نابع من توقع الشر".
ارسطو
سطع امامي واقعي مبددا هواجس الماضي الرث..اثر جلبة ابواق السيارات..انتهت
سيمفونية المطر..وحسرت الشمس عن رأسها بوهج .. حركت السيارة.. واشتعل وقود
ذاكرتي...
قبل ساعات من صباح هذا اليوم...كنت على مكتبي اقوم بمراجعة بعض التقارير..
واتلمظ النسكافيه بسرور..فداهمتني تلك الرسالة على الواتس اب....لقد رزقت اختنا
بفلقة قمر!
عن اصرار وترصد خرجت من الشركة متأخرة ..كي اكون في باكورة الزوار لها..
الفرحة تغمرني وانا ادخل بهو المستشفى ..سألت
الاستقبال بلهفة عنها..عرفت رقم الجناح والسرير..وهرعت الى الممرات اللامعة.. السماء
تعزف سيمفونية المطر.. الايقاعات تتردد على النوافذ..الصمت يطوق المكان ..او هكذا
خيل لي ..اقتربت اني ارى اختي تعانق صغيرتها ..انها تناول صغيرتها لزوجها.. تتسلل
اصابعه الدافئة في غمرة الصمت..لتغتنم فرحة المباغتة..بعناق حار شهي لاصابعها
الواهنة.. مثيرة باحتكاكها بتلك البشرة الناعمة لهيب تفاعلات كيميائية حانية..
مشعلة امطارا من نظرات الهيام في المسافة
النابضة بالدفء بين عينيهما!
مشهد اسري دافيء..انسحبت دون ان يلحظاني! ليسعدهما الرب..كم اغبطك يا اختي
الصغيرة! حرقة تتسلل الى وجنتي وتتصاعد وتيرتها على بشرتي لتخترق باشواكها اعماقي..
لم اشفَ مني بعد!! مازالت وجنتي تشتعل دما.. لم ينجح (هو) في استلال احزاني بل
ضاعف رصيد همومي !
هل ستمنحني الحياة بهكذا لحظة دافئة معه!!
الابن المدلل!
خيل الي ان هطوله على حياتي سيبلسم جراحات اوقاتي..ظننت بحبه سأعتق من رق حرقة وجنتي!
ولكن نيران مخاوفي تزداد ضراوة ... زادت الى عذاباتي عذابا...انا واهنة
..ومرهقة حد الوجع..ارتجي حضنا دافئا يحتويني.. لست تمثالا من الشمع...كما اتظاهر
امام الاخرين.. لست قوية! انهكني الركض وراء تحقيق رغائبي.. آن الاوان ان
اتراخى..واتمدد كقطة بدلال واتلمظ سكاكر الحياة ..ان احيا انوثتي التي حرمت منها..
آن الاوان ان احتمي بترس يسمى رجل!
ليت شعري هل عاصم سيكون موئلي!! وحيد والديه ودلوع امه!!
تاريخنا على النقيض.. هل سنتكامل ام سنتصادم؟؟ لست مرتاحة البال بتاتا..الخوف
يغمرني.. والحيرة تغرقني.
الحاح امي واخواتي علي بالزواج
والاستقرار..خاصة ان فتيل العمر يتناقص..وحاجتي الماسة لوجود رجل تتفاقم.. ومن
ناحية اخرى مخاوفي ووجنتي التي مازالت تحترق.
هو الذي عاش حياة مترفة .. متكئا على كنف والديه. اعتاد تلبية رغائبه من
قبل الغير.. استوطنه العناد.. وتعربدت شخصيته بالانانية!
ولكني وقعت في شراك حبه امام عناده واصراره ؟؟
تركيبة مدهشة هذا المعشوق (عاصم).. أسرني بهالته ..فهو رئيسي في الشركة..
وذو وسامة وشخصية باهرة.. قوي المراس ,عنيد, ذو نظره ثاقبة ومثقف وحاصل على اعلى
الشهادات, وذو سيرة حسنة في الشركة. كل الفتيات يتمنينه..والمدهش كم من تجربة
ارتباط فاشلة خاض!
ووقع في غرامي بسبب ذلك الاجتماع الذي اعربت فيه عن مخالفتي لبعض آرائه!
عنيد احب عنادي! وقوة شخصيتي كما يزعم ..لم استطع مقاومته وهو يتحين الفرص
لمناوشتي!
اسلوبه في الحب مدهش.. يسعد باغاظة الطرف الاخر..وعندما ارد عليه بعنف.. يستسلم
لنوبة من الضحك والابتهاج!
ثم يهمس بصوت جذاب ونظراته الآسرة تعانقني: "الزعل مو زين للحلوين"
فيمتص كل لهيب الغضب .. فابتسم مطأطئة رأسي بحياء .. وقد حرك بهمسته المشاكسة
اطنانا من المشاعر الدافئة وبركاً من الحنين.
نعم اعشقه! ولكن انانيته وسلطة امه تفقداني صوابي! ربما كل هذه تهيئات كما
يفندها محبوبي.. لا انكر بمعيته اشعر بالامان.. والمخاوف لا تداهمني الا في غيابه!
رن جوالها قاطعا حديثها مع نفسها.. كانت قد وصلت الى بيتها..ترجلت من
السيارة..ردت على المكالمة: الو..
كان محبوبها على الخط: حبيبتي كيفك اليوم خرجت من الشركة متأخرة؟
اهلا.. ذهبت لزيارة اختي في المشفى رزقت بفلقة قمر
بصوت متحمس هتف: الف مبروك..وعقبالك.. سنأتي غدا مساء لتحديد موعد عقد
قراننا.
حبست انفاسها لوهلة..تحسست وجنتها ...واردفت بهدوء: عاصم سأصارحك ..انا خائفة !!
جاءها صوت دافيء: اجيبيني هل تحسستِ وجنتك الان ؟
هي مشدوهة وتتلفت علها تراه: ها! اينك هل تراقبني؟؟
ههههه ..سأطفيء لهيب وجنتك عما قريب بشفتي معشوقتي!
-------
انتهى
"الخوف من الحب خوف من الحياة، والخوف من الحياة ثلاثة أرباع الموت".
برتراند راسل
برتراند راسل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق