روح البحث

الاثنين، 29 يوليو 2013

حطـــــــام 3

لا تحاول الاختباء بداخل غضب,, الجلاء لا يمكن ان يختبئ!
جلال الدين الرومي


يالهذا الفتى لا يتغير أبدا: غمغمت حانقة وأنا انتشل ملابسه من أرضية الحجرة،  ووضعتها في سلة الملابس، انها الخامسة والنصف لابد إنه في الملعب مع أصحابه،، هل أنهى فروضه المدرسية؟
خرجت إلى ساحة المنزل، كان أبي جالسا بين يديه رباعيات جلال الدين الرومي الذي أهديته إياه ، قبلت رأسه وسحبت كرسيا لأجالسه، ترك الكتاب والتفت إلي يسألني ككل يوم باهتمام شديد: كيف كان يومك في العمل؟ هل أنتِ مرتاحة ؟
تنهدت وداهمتني هواجسي مجددا: ليتك أبي كنت تسألني قبلا، بهذا الالحاح، لما ضاع العمر سدى!
أومأتُ له بالايجاب: كل شيء على مايرام أبي.
عذرتُ أبي مستدركة هذه الحقيقة المفصلية، فأعصابنا تحس بلحظات الانتقال لا بلحظات الاستمرار، كما قال مصطفى محمود*، كالمنظر الذي تطل عليه من نافذتك يثيرك للمرة الاولى ثم يصبح عاديا ثم تنساه تماما!  لقد اعتاد أبي هزالي وصمتي فلم يخطر له أني على وشك الانفجار!
انغمس أبي في الرباعيات، ولذتُ للصمت، وأنا استرق النظر الى الصفحة التي يقرأها!
انه يقرأ ما استقر في وجداني:
"لا رفيق سوى العشق.
طريق، دون بدء أونهاية.
يدعو الرفيق هناك:
مالذي يمهلك حين تكون الحياة محفوفة بالمخاطر"!
لارفيق,,يرافق الانسان ويرفق به ويرققه سوى العشق! الذي هو طريق بلا بداية أونهاية،، بأي أنامل تكتب ايها الشيخ الجليل، أتصفُ الطريق الذي جمعك بشمس الدين التبريزي،،فأنطقك شعرا؟! يدعوك الرفيق هناك: هلم تنعم...فالحياة قصيرة وهالكة! آآآه يامولانا العشق بات بلا طعم كوجباتنا السريعة، لا تسمن صحيا ولا تغني من جوع اللذة!
جاءت أمي تحمل صينية فيها كوب شاي وكعك، قمت أحمل الصينية من يديها وقبلت رأسها : مساء الخير أمي.
فهمهمت أمي: لم أحضر لك كوب شاي، لم اعلم إنك مستيقظة!
همست وأنا اضع الصينية على الطاولة الصغيرة المنصوبة أمام أبي: لا بأس أمي سأحضر لي كوبا..
لم تدعني أمي، كي أظل بجانب أبي وساندها أبي آمرا إياي بالجلوس ، أتراه سمع أزيز هواجسي؟
همست في نفسي:
النور الذي تطلعه لم يأت من ميضأة.
لم تنشأ قسماتك من منيّ!
لا تحاول الاختباء بداخل غضب..
الجلاء لا يمكن أن يختبئ!
فانفلتت مني بصوت مسموع: لا تحاول الاختباء بداخل غضب,, الجلاء لا يمكن أن يختبئ!
رفع أبي نظره إلي وابتسم!
ازدرت ريقي..
أنقذتني أمي بكوب الشاي و الكعك!
------
*في كتابه عن الحب والحياة
يتبع،،


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق