روح البحث

الجمعة، 26 يوليو 2013

حــــطام 1!!

هرولت عقارب الساعة  بماراثون ابتزازي المستمر ..وساومني الرنين الصاخب...لفك رهن وسادتي الأثيرة.

صفعة تهوي ليختفي هذا الضجيج.. سقط المنبه أرضا متأثرا بالكف الصباحي المعتاد..
آه يوم روتيني آخر!

 





عينان لوزيتان متورمتان..وشفاه حبلى بالحكايا الصامتة..وشارع مسقط السريع.. قاتم وطويل..كأناكوندا خبيثة.. تطوق عنق أيامي.. مازالت رائحة الإسلفت..تعيث في سيارتي صداعا..ومازالت حرارته ملتصقة بإطاراتها التي ابتعتها أصلية من ذات الوكالة التي شمعت مؤخرا في قضية غش الإطارات..تبا لهذه المرآة وكأنها تجمدت على صورة هذا الشارع الحالك الذي ترتمي على أطرافه  بقايا إطارات!
فتحت المذياع.. ذات المذيعة التي تقرأ ذات الرسائل والتغريدات.. وذات الحكم المكررة والتصبيحات الرمادية.. وذات الأغاني الصاخبة على الريق! عرجت على إذاعة القرآن..ياإلهي..ذات الخطب الدينية! ألقمت السي دي للجهاز..استمعت لتلاوة عبدالباسط...هدأت نفسي قليلا.. كل شيء يجري في هذا الملكوت..الجبال و الأرصفة والأتربة والسماوات ...هاهي السيارات أيضا تتخطاني على عجل..لوحت برأسي بوجل، مساكين هؤلاء بين نيران الرادارات أو التأخر عن جهاز البصمة أو قدر كارثي غادر يحصد الأرواح المنهكة قبل بلوغ مناها !
أوقفت سيارتي ليتوقف معها تدفق تلك الغمامة السوداء من الهواجس، وصلت باكرة وحظيت بموقف لائق في مواقف تلك الوزارة..ترجلت..تفحصت إغلاق الأبواب بشكل آلي..دون تفكير..توجهت إلى جهاز البصمة وكبست الأزرار بميكانيكية عجيبه..لم أعد أحتاج وقتا لتذكرالأرقام..فأصابعي الطويلة خزنت الأرقام في أدمغة خلاياها!
هئنذا على لقاء سريع بذات المكتب، وكأنه عاشق مجنون يأبى مفارقتي، بدأت القيام بمهامي المعتادة،  كل شيء روتيني، أعمال رتيبة تخنق الحماس ، وتقتل الإبداع!
اعتدت الصمت، وأنا ألوك أفكاري وازدردها مع ريقي، بعدما أن هاجت مديرتي وماجت بي، إثر صراحتي ورغبتي في التغيير، فجاء لي بالوبال فقذفتني كأي مقعد بال! وألقت بي في غياهب دائرة أخرى بعيدة تبتلعني عن أفقها وعن مد بصرها! فاستوعبت الدرس جيدا!
أنا وصمتي وكوب الشاي الذي أتلمظه، فيخدش جدار صمتي قهقهات زميلاتي، لا حديث لهن سوى أزيائهن.. وأطفالهن وأطباقهن...ومرات أزواجهن...وأحذيتهن! أحاديث مكررة دون كلل، ونميمة لاذعة كالشطة، تضفي على المكتب نكهة لظى! فينظرن إلي رغبة في اشراكي في وليمتهن الصباحية من الثرثرة، فأبتسم وأهز رأسي إيجابا كعجوز بلغت من الشيب والحكمة عتيا!
كنت يوما ما مثلهن، صاخبة، ومرحة، ومعتدة بذكائي....فتهشمت! خانتني بوصلتي، وخذلني محيطي، وعاثت الرياح بشراع أيامي، وقذفت بي حيث الوحدة والخوف والصمت!  
يتبع،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق