رحلة جوية عادية.. تتحول الى كابوس
سيرة توثيقية لحياة المضيفة
التي ضحت بحياتها في سبيل الواجب
عندما بدأت بوليود الى الالتفات الى ارث الهند التاريخي
وارشيفه، انتجت لنا اروع الافلام السينمائية منها على سبيل المثال لا الحصر، جودا
اكبر ومنغل باندي، وماري كوم وغيرها من الاعمال المستمدة من الواقع الهندي. ونحن
اليوم في صدد فيلم استثنائي مستمد من تربة الحياة الهندية. انه فيلم نيرجا.
ياإلهي هذا لا يحدث الا في الافلام.. هذا ما صرحت به
الفنانة الفاتنة سونم كابور بعد قراءتها لنص فيلم نيرجا، واوضحت في لقاء متلفز ان
هذا الفيلم اثر عليها بشكل شخصي بالاضافة الى انه منعطف هام في مسيرتها الفنية،
حيث قررت انها ستعطي الاولوية للنصوص والادوار التي ستجسدها بعد هذا الفيلم الذي
توجها بالتقدير ورضا المشاهدين والنقاد.
نيرجا رحلة جوية عادية، تتحول الى كابوس، والى آخر رحلة
لبعض من كانوا على متنها. وسيرة توثيقية لبطلة الهند وفخرها نيرجا بهانوت. مستحضرا
الواقعة التي هزت المجتمع الهندي والعالمي في منتصف ثمانينيات القرن المنصرم. حيث
يسلط الضوء على حادثة اختطاف الطائرة Pan
Am من قبل جماعة ابونضال الفلسطينية، والتي كانت قادمة من مومباي
وحطت بمطار كراتشي لتستأنف رحلتها الى فرانكفورت. فيتسلل الخاطفون اليها في لحظة
حاسمة قبيل اغلاق باب الطائرة بثوان، لتقع الطائرة ومن فيها رهينة!
تقف المضيفة نيرجا بهانوت بكل شجاعة لتحول دون طيران
الطائرة الى جهة مجهولة، حيث سارعت بابلاغ الطيارين بالهايجاك فور تسلل الخاطفين
الى الطائرة، فلاذ الطيارين بالفرار لتبقى الطائرة على ارض المطار. وليقع 359
مسافرا في اسر هؤلاء الخاطفين المدججين بالسلاح والقنابل. فتولت نيرحا بشجاعة زمام
الامور في الطائرة، حيث حرصت على تقديم المساعدة والوجبات للمسافرين، واقنعت
الخاطفين انها تقوم بعملها وواجبها، كما هم يقومون بعملهم، واسهمت في تهدئة
المسافرين، وانقاذ حياتهم عندما طلب الخاطفون جوازات سفر المسافرين، للبحث عن
الامريكين، فأخفت جوازات السفر الامريكية ببراعة وحنكة.
وبعد 17 ساعة من الاسر انطفأت الكهرباء بداخل الطائرة،
مثيرا بذلك فزع الخاطفين الذين كانوا يطالبون السلطات الباكستانية باعادة الطيارين
الى الطائرة، لتبدأ بالاقلاع، الا ان اليأس داخلهم، وظنوا ان القوات الباكستانية
هي التي قطعت الكهرباء تمهيدا للهجوم على الطائرة فشرع الخاطفين بفتح النار
عشوائيا على المسافرين!
حاولت بهانوت ايضاح ان مايحدث للطائرة امر طبيعي نظرا
لنفاد الطاقة الا ان الرعب قد سيطر على الموقف، فقامت في خطوة شجاعة ومخاطرة كبيرة
بحياتها بفتح باب الطوارئ للمسافرين، ولم تلذ بالفرار كما فعل زملاؤها بل تحملت
المسؤولية بانقاذ ارواح المسافرين، اسفر هذا الحادث المؤسف عن 20 قتيل، كانت من
بينهم مضيفتنا الشجاعة التي دفعت حياتها ثمنا لانقاذ ارواح اطفال كانت تخرجهم من
باب الطواريء!
ركز الفيلم على الاحداث الانسانية التي واجهتها هذه
الفتاة العشرينية في حياتها الشخصية والمهنية، حيث اخذنا في سفر داخلي في أعماق
تلك المضيفة الشجاعة التي تعاملت مع حادثة الخطف بضمير واحساس بالمسؤولية، مضحية
بحياتها في سبيل اداء واجبها. نيرجا المرأة التي خرجت من تجربة زواج فاشلة وتجربة
مريرة في الغربة، خرجت من هذه التجربة اكثر قوة ورغبة في النجاح واثبات الذات، فحققت
ذلك بان جعلت العالم يقدم لها الاوسمة الشرفية كرد اعتبار لها.
اشاد النقاد بالاداء الحقيقي لكل طاقم الفيلم، كما
اشادوا بروعة اداء كابور اذ اتقنت تقمص شخصيتها بطريقة مبهرة بدءا بتسريحة الشعر
انتهاء بطريقة حديثها، ملمة بجميع تفاصيل شخصية نيرجا الحقيقية. لم يتطرق الفيلم الى
خلفيات الخاطفين، وانما قام ببث الحدث كما هو موثق في الوثائق. ولكن الملاحظ ان
الفنانين الذين قاموا بتأدية دور الخاطفين، كانت لغتهم العربية ركيكة نوعا ما وغير
مقنعة للمشاهد الذي يتقن العربية.
فيلم الاثارة والدراما والتوثيقي، الذي اكتسح شباك
التذاكر، ووضع بصمة تاريخية في بوليود، والذي قام باخراجه المبدع رام مدفاني،
وسيناريو سايون قوادراس، وبطولة كل من سونم كابور والفنانة القديرة شبانة عزمي،
ويوغندرا تيكو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق