روح البحث

السبت، 1 ديسمبر 2012

فتاة الرماد... 9


عندما نفقد من نحب تكون أكثر دموعنا مرارة على ذكرى الأوقات التي لم نحب فيها بما فيه الكفاية.
..موريس مالترينك



رغم ضيقي بغيابك..الا ان ذكرياتك تسعني! اخفي لحظاتنا في قبو ذكرياتي..وكلما داهمتني عواصف الحنين..اجوس خلاياي الى دفء ذكراك!
هئنذا امام مرآتي..امرأة كنرجسة يانعة بفستان ليلة عمرها.. وحولها القريبات يضعن اللمسات الاخيرة .. هذه تتأكد من ثبات طرحة الرأس وتلك توثق عرى الجيبونة.. واخرى تضع قطرات دهن العود على بشرتي البضة..وشقيقتي جاءت بالبخور.. تتخللها زغاريد  وهمسات نابية ونصائح ماسية للقفص الذهبي ..وقهقهات تتناغم مع ايقاع الاغاني التي تتردد في الاصداء والزوايا.. وانا ذاهلة بخشوع امام انعكاسي!
رباه لم يتسنى لك ان تلثمني بعينيك الصافيتين ..وان تستأنس روحك بهذا الجمال! كيف نسيت ان ابعث لك بصورة لي؟؟ وكيف لم تطلب ذلك مني!
ربما سيجمعنا مكان ما ذات قدر.. وسأمر من امام عينيك الصافيتين.. دون ان تعيرني ادنى اهتمام.. ودون ان يهتز لك رمش عاشق... وتتجاوزني في الدروب كأي غريبة!
نظرت مرآتي الي ببلاهة... الازلت تذكرينه؟؟ وفي ليلة كهذه !!
لاتندهشي يا مرآتي ..ففستاني الابيض احيا ذكرى رودوبس..فتاة الرماد..فما انا عليه اليوم من نضج وانوثة وحزن..يعود الى فارس قلبي الاول! وآن الاوان لاطلاق سراحي من براثن هذه القصة ..التي تنتهشني كل حنين ..وان ابعثر رماد مشاعري على محراب وجهك في طقس وثني.. عله يزيح عن كاهلي الحزن الجاثم على لحظات سعدي..حفل تأبين وتشييع ذكرى الى مقابر النسيان بصمت مقدس وسط  اهازيج زفافي .. ابعث محبوبي الى قبره بكل وفاء!
,,,,
شعلة من الذكرى..
عدنا الى نشاط نسبي في المنتدى...وكنت انت من ابرز اسبابها..اشتعلت حماسة المدونين بعودتك.. كنت تكتفي بمشاكستي كعادتك وملاسنة المدونين الاخرين ..ثم اختفيت... بعثت لك بعد حين على الخاص بكلمتين اختزلت مشاعري المتنافرة وقلقي عليك.. "كن بخير"
فبعثت لي : ارجو منك الدعاء الحار لي.. ألمت بي وعكة صحية تحتاج الى تدخل جراحي!
قفز قلبي هلعا..وامطرتك برسائل الدعاء والهلع والاستفسار..
واكتفيت انت بالصمت...
ومضت الشهور تلو الشهور..بصمت موحش!
انهيت دراستي الجامعية...وتخرجت..وتحصّلت على وظيفة جيدة.. وانت بعيد عني!
ذات نهار وانا على مكتبي.. وقد اقترب موعد الانصراف.. عرجت الى المنتدى..ففوجئت برسالة منك انتشلتني من رتابة الاحزان: مرحبا!
وبكل هلع وبلا تفكير ولو لثانية في معاقبتك بالصمت المماثل اجيبك: هلا عمر..كيف صحتك بشرني؟
سألتني: لوحدك؟
نعم لوحدي ..هل ستتصل؟
اتصل؟
اجل اتصل..ام اعطني رقمك لاهاتفك
لا...
ماذا تعني؟؟
كيف استطعت ان اقولها؟؟ ربما لان عمر لم يعد كما كان..ولن يعود.. لقد غيرتني الازمان حبيبتي.. انا لست انا..بيني وبين نفسي اصقاع وسماوات...ولكن الحنين يقودني بجنون الى مرافئك.. رغم بشاعة امواجي ورحلتي..
هذه ال "لا"  تعادل الاكوان والملكوت.. اعتني بنفسك الاثيرة..لاجلي!
عمر ارجوك..طمني عليك..
وغلاوتي عندك لا تروح..
بليز ...الو..
رد علي اذا تعزني
ارجوووووك يالغالي...
حبيبي...

ابتلت وجنتاي بالدموع..حاولت التماسك لم..افلح!!
اغلقت الحاسوب وارتديت نظارتي الشمسية..وخرجت!
,,,,,
امام المرآة

تلألات مقلتاي الكحيلتان...وتلقفت شقيقتي الدمعات بمنديل قبل سيلانها خشية على مساحيقي التي ظلت خبيرة التجميل لساعات ترسمها على وجهي.. وبخت شقيقتي  بقية القريبات..ظنا منها انهن اثقلن علي!

تعالت الزغاريد..حان وقت الزفاف.. اعطتني اختي طاقة الورد امسكتها بيد شاحبة باردة ترجف قلقا...ضمت يدي بيدها الدافئة هامسة دعي القلق اخيتي ...هذه اجمل ليالي عمرك.
وألقت بنظرة رضا علي..وانزلت الطرحة لتغطي وجهي.. هيا يا عروس..لتبتهجي بليلتك.. وصل اخي..سنذهب الى القاعة. فجاءت شقيقتي الكبرى تنفث علي بالمعوذات خشية علي من عيون الحساد..واشتدت الاهازيج... وتعالت القهقهات والزغاريد والتصفيق ..نبضات قلبي تتسارع... قدماي ثقيلتان ... انفاسي تتلاحق ..همست شقيقتي في اذني.. عريسك احمد ينتظرك على احر من الجمر..هيا يا عروس!

ربما سيجمعنا مكان ما ذات قدر.. وسأمر من امام عينيك الصافيتين.. دون ان تعيرني ادنى اهتمام.. ودون ان يهتز لك رمش عاشق... وتتجاوزني في الدروب كأي غريبة!
,,,,

انتهى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق