روح البحث

الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

الى البحر


كان الملل قد استبد بي، وأخذ بتلابيب يومي يخنقه بخبث شديد.. كدت اختنق اطفأت جهاز التلفاز ولم أواصل محاضرة فضيلة الشيخ الذي كان يزبد ويتوعد المنادين للاختلاط بالنساء درءا للمفاسد وما يصاحبه من فتن آخر الزمان! أوليس أول اتباع المسيخ الدجال هم سماعون الأغاني والنساء كما قال فضيلته!
أخذت جوالي الذي تحصلت عليه بشق الانفس، الذي لم يوافق عليه ابو العيال إلا مؤخرا ومتأخرا لأنه باب من أبواب الشيطان.. رغم أن باب الشيطان (الجوال) يلازمه ويحدثه بين الفينة والاخرى كلما تآمر الغرب والشرق على أمة الاسلام باختراعاتهم التي تفتت مجتمعنا الافلاطوني الآمن!
بعثت له: هيا الى البحر!
بحلقت في الهاتف زمنا.. مر الزمن علي ثقيلا كما يمر على طلاب الثانوية وهم يستلمون رسائل نتائجهم فإما الفلاح وإما النواح !
جاءت رسالته أخيرا كزورق ينقذ غريقا.. تماما كالزورق الذي انقذ روز بعد غرق السفينة البائسة تايتنك! هل يجدر بي كمسلمة أن اشبه نجاتي بنجاة هذه الكافرة!
عموما وصلت الرسالة بكلمة أضاءت سماواتي بألوان (قوس قزح) تذكرت ان معلمة العلوم وبخت ابنتي هداها الله ألا تقول هذه الكلمة الكفرية فهي حرام! قلت لها مستنكرة ربما قصدك معلمة التربية الاسلامية فشددت أن هذه فتوى معلمة العلوم!
 عُلم!
ألوان الطيف تزين لحظتي الاستثنائية بكلمة لم تحدد موعدا بل ضربت أملا فضفاضا.. كلمة (طيب)!
لكني لم اترك ذلك الشيطان اللعين.. أن يحطم معنوياتي .. أقصد والعياذ بالله ..فقد اخبرتنا اختنا الداعية في المسجد ألا نسب الشيطان لأن ذلك يبهجه ويجعله يتعاظم ويصبح بحجم البيت!
قمت أتأهب للبحر.. فارتديت بنطلونا ساترا وجهزت (الشبشب) للمشي على الرمل الناعم.. وارتديت عباءتي احتياطا رغم ان الساعة تقترب من العاشرة مساء ولا توجد أعمدة إنارة فأتكشف لخلق الله، إلا احتياطا كي لا يغضب سي سيد.. أعني زوجي اطال الله بقاءه.
جاءت رسالة اخرى: طلعي!
رفرفت بعباءتي الى السيارة كعصفور أطلق سراحه من قفص! حططتُ على المقعد وأنا ألهث! نظر الي زوجي حماه الله من كل سوء.. ومرر نظره كأشعة الليزر المقطعية التي تبحث عن خلل ما !
كاد قلبي أن ينخلع من قفصه الصدري .. هل سيقول لي: ماشي طلعة!
لكنه خيب هواجسي وحرك السيارة دون ان ينبس ببنت شفه!
اطلقت تنهيدة عظيمة بعظم الكون! هانحن بمحاذاة البحر.. قلت له: هنا !
فقال: ألا ترين يالعمياء.. اولئك الصبية!
صبية مراهقين سيتركون احاديثهم لينظروا الى هذه المتدثرة بالسواد.. غمغمت في نفسي!
ابتعدنا وابتعدنا عن حارتنا ودخلنا في حارة اخرى! ظننت لوهلة أننا لن ننزل أبدا طالما يجد شخصا هنا وعائلة هناك !
فقلت له: الحمد لله اننا فقط 3 ملايين تقريبا.. والحمد لله ان الوافدين الآسيويين لم يفكروا في هذا الليل غزو شواطئنا وإلا لن احظى بالمشي بمحاذاة الشاطئ!
ابتسم.. تتفلسفي ماشاء الله!
بادلته الابتسام...
اوقف السيارة اخيرا ونزلنا.. لفحني هواء البحر الرطب، اخذت نفسا عميقا
امشي سريع ما كما الغيلمة!
امش انا رح امشي ع راحتي.. ما جاية اركض!
رفعت عباءتي .. واقتربت من البحر.. ليستقبل أقدامي الجافة بلقاء رطب جارف!
أمشي واتنسم الهواء والبحر يدغدغ اقدامي .. آه ما أجملك أيتها الحياة نجوم على هامتي وسكون يداعب الأفق.. راودتني نفسي أن القي بنفسي الى البحر لأبلل روحي العطشى الى الحياة!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق