روح البحث

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

ايام حائرة



كما اخبرتكم عندما كنت في المرحلة الابتدائية.. كافأتني مدرستي كتابا عن أهوال القبر ففزعت من الصورة وتركت الكتاب ف خزانتي لتساهم يوما ما في ازدياد حيرتي وزيادة منسوب قنوطي من دخول جنة الله.
ومضت الايام لتقربني الى اشد أيامي حيرة وبؤسا.. كنا في الصف في انتظار معلمة التربية الاسلامية (كنت في المرحلة الاعدادية)... كانت احدى الزميلات تنصح زميلاتي الأخريات بالامتناع عن سماع الاغاني... كانت صدمة حرمة الاغاني أولى صدماتي مع الاصولية الاسلامية ولم أكن حينها أدرك أن الاسلام مدارس ومذاهب ومشارب.
عارضت كلام زميلتي بحرمة الاغاني وأنا في ذهول يستحق الاشفاق وبعناد غبي كابرت كان ذهني يشتعل بصورة والدي قوام الليل الذي تعج سيارته بالأشرطة والأغاني اليمنية التي كان يدندنها كلما ذهبنا معه الى مشوار وصورة والدتي المرأة الطيبة التي تعشق أغاني سعدون جابر وتدندنها كلما حممت اشقائي الصغار او كلما جلست الى خياطتها شغلت المذياع الذي يدندن لها اغاني سميرة توفيق وسعدون جابر وغيرهما!!
ابتسامة عريضة ترتسم على وجه زميلتي وبحماسة تحسد عليها اخذت بكل بذخ تشرح لي أنواع العذاب المخصوص فقط لأهل الاغاني.. الحديد المصهور والعذابات واستهزاء الملائكة.. والفزع والدهشة يفعلان الافاعيل بملامح وجهي التي لم تخلع مرحلة الطفولة بعد.. حتى دلفت معلمة التربية الاسلامية فركضت إليها مستنجدة..كالغريق المتشبث بالحياة ولو بقشة! وكان المعلم أيامها له مقام النبوة والرسل..كما كنا ندندن بيت أمير الشعراء!
فكانت الصاعقة التي زلزلتني وجعلتني في مهب عاصفة من الظنون والشك والحيرة والخذلان!
اكتفت تلك المعلمة القادمة من الأرياف المصرية بهز رأسها موافقة. عدت الى المنزل على غير عادتي ساهمة شاردة ... وتحولت هنا قضيتي انقاذ عائلتي من نار الرب الذي لايرحم.. والذي نسميه الرحمن الرحيم!
كان هنالك مخرج واحد من حزني وحيرتي ... ألا وهو والدي فأنا أصدقه وأبجله ...وأؤمن به ايمانا صوفيا... فانتظرته حتى يعود من المركز (مقر عمله فهو ضابط شرطة)... دلف أبي مرتديا ذلك اليونيفورم المقدس.. ووقف اشقائي الصغار لتقديم السلوت ... ضحك ابي ملقيا السلام علينا بعد تلقيه التحية العسكرية.. انتظرت والدي ينهي صلاته وأنا اقول في نفسي هيهات يا أبي مهما تصلي لن ينفعك ان صدق ما عرفته في المدرسة. جلست بجانبه.... ونظرت اليه: ابي هل الأغاني حرام ...ويعاقب سامعها بصهارة الحديد والرصاص... لم يجبني أبي.. بل صمت معلنا موافقته أو ربما كأنه يقول هكذا يقول المشايخ !!
وهنا وقع قلبي فقلت: اذن لماذا انت وامي تسمعان الاغاني ولماذا جعلتمونا نسمع الاغاني ولماذا يطلب مني اخوتك تسجيل الاغاني لهما (كان عمي دائم الزيارة لبيتنا ويطلب مني تسجيل اغاني فيروز على جهاز الفيديو وكنت افعل ذلك بطيب نفس ) ولماذا قنواتنا تبث الأغاني أصلا أليسوا مسلمين يبتغون ثواب الله!!!

هنا اعزائي لكم أن تتخيلوا فتاة في 12 من عمرها تبكي على سجادة صلاتها طلبا من الله أن يرأف بأسرتها وبها !
وهنا وجدت ذلك الكتاب المرعب يقع امامي وبدأت بقراءته.. ممازاد الطين بلة ثم تم اهدائي كتابا آخر وهو عن أهوال يوم القيامة وقرأته... حتى أيقنت أنني هالكة لا محالة شعرت ان الكتب تتكلم عن اسلام لا نعيشه وان الجنة خلقت لأقوام مخصصون بمزايا ملائكية لا اجدها حولي ولا أقوى عليها !!وكم راودتني فكرة الانتحار قنوطا ويأسا من رحمة الله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق